أجساد بلا قدر(4)… نص متسلسل للكاتبة نعيمة أدرع
هي بلا شك نعجة سيقت مع كبش إلى أرض المسلخ دون أن يمرا بالمذبحة
نعيمة أدرع/كاتبة مغربية
أجفل رضى بعيون ليلية وهو ينظر إلى أصابعه المتلعثمة المترددة محاولة أن تطوق إصبع عروسه، دون أن تنجح في ذلك. لقد سقط الخاتم من يده وسط استياء الجميع، واستعاذاتهم من فأل سيء.
التقطت شابة الخاتم بصعوبة بالغة، بعدما جرى جري المحكوم عليه بالإعدام على السجاد الممتد، واستقر تحت طاولة أثرية ثقيلة.
لقد كانت تلك الطاولة للجد السادس، يتخذها مكتبا وهو يقضي بين الناس، ولقد عرضت المتاحف أموالا طائلة للحصول عليها دون جدوى. إنها طاولة القاضي رضى، وهي لا تقدر بثمن….
جرى الأب دون شعور إلى الطاولة يرفعها، حتى لا تؤذيها الشابة التي مدت يدها بحثا عن خاتم طلب اللجوء إلى طاولة أقدم من الزمن. إنه الوحيد الذي يعرف التعامل معها، ولا يترك أحدا يلمسها، وكانت تلك مناسبة يستعرض فيها قصة يد قطعت لأنها امتدت تلمس تلك الطاولة ذات زمن.
سحبت الشابة يدها مذعورة، وتفحصتها للتأكد من أنها لم تبتر بعد. بينما واصل والدي الحديث، وهو يرفع طاولته بكل حنان ويصرخ في الفتاة -التي لم تجرؤ على مد يدها من جديد، حامدة الله أنها لم تقطع -. تنبهت الفتاة على صوت والدتي وهي تناولها الخاتم: «تفضلي». لقد أشفقت الفتاة على مد يدها لالتقاط خاتم كادت يدها تقدم قربانا له، ولكن ابتسامة أمي الخفيفة -التي لا يعلم أحد مغزاها – شجعتها، فوالداي العزيزان لم يكونا يضحكان، إنهما بالكاد يبتسمان: يبتسمان للفرح وللحزن، للرضى وللغضب. يبتسمان وحسب. هكذا هي العائلات الراقية. كل يسلك طريقه المرسوم دون اعتراض، دون أن يحيد عنه. كل ينفذ التعليمات المرسومة ليواصل السير في متاهة حددت له بالاسم، بالصوت وبالصورة. ومن مرق عنها… ـ صراحة لا أدري، لأنه لم يمرق أحد من قبل ـ التقطت الفتاة الخاتم وابتلعت ريقها الذي أحسبه قد جف وهي ترمق صديقتها بنظرة أقل ما تقول: «الويل كل الويل لك يا صديقتي من جحيم هذا الزواج» ومدت الفتاة يدها بخاتم رفضت يداي تسلمه. نظرت إلى فتاة منكسرة العين لا أظنها سعيدة على الإطلاق، فهي بلا شك نعجة سيقت مع كبش إلى أرض المسلخ دون أن يمرا بالمذبحة.