الرأي

هل ستغير مجزرة المعمداني مسار الحرب بين حماس وإسرائيل؟

مجزرة المعمداني كشفت أن المدنيين العزل والأطفال هم بنك أهداف الكيان المحتل  تحت دريعة محاربة حماس

لوسات أنفو: خديجة بنيس

في كل مرة يشن الإحتلال الحرب على غزة  يلجأ سكان غزة العزل إلى مدارس “الأونروا” والمساجد والمستشفيات ظنا منهم أنها مناطق آمنة يحميها القانون الدولي، لكن وعلى الرغم من ذلك فإن القــصف الإسرائيلي يلحقهم إلى هناك.

ولايخفى على العاقل منا أن هذه المؤسسات يمنع قصفها أو استهدافها بموجب القانون الدولي إلا أن الكيان الصهيوني، استهدف في العديد من المرات مدارس “الأونروا” والمساجد وكذا المسشفيات، ولعل مجزرة المعمداني التي راح  على إثرها أزيد من 500 فلسطيني، 50 بالمائة من القتلى كانوا أطفال، جراء شن طائرات إسرائيلية غارة على المستشفى أثناء تواجد آلاف الفلسطينيين النازحين الذين لجأوا إليه، بعد أن دمرت منازلهم، وبحثوا عن مكان آمن. خير دليل على وحشية جيش الإحتلال، واختراقهم السافر لمقتضيات القانون الدولي .

مجزرة المعمداني جريمة شنعاء تنضاف إلى قائمة الجرائم التي ارتكبها جيش الإحتلال والتي  كشفت  الستار عن خطة إسرائيل وقطعت الشك باليقين بأن المدنيين العزل والأطفال هو بنك أهداف الكيان المحتل  تحت دريعة محاربة حماس.

وبعد ردود الأفعال الكثيرة سواء الدولية وحتى الغربية، التي أدانت هذا الفعل الإجرامي، تضاربت الأقوال والروايات التي أدلى بها جيش الإحتلال  في محاولة للتنصل من جريمته الوحشية، نفى الجيش الإسرائيلي مسؤوليته عن هجوم على المستشفى،  واتهم جماعة “الجهاد الإسلامي” الفلسطينية على أنها هي من استهدفت المستشفى، وفي هذا الصدد صرح نتنياهو ” يجب على العالم أن يعرف- الإرهابيون المتوحشون في غزة هم الذين ضربو المستشفى بغارة وليس جيش الدفاع الإسرائيلي” وأضاف ” من قتل بوحشية أطفالنا، يقتل أطفاله أيضا”،ولتأكيد روايته نشر جيش الإحتلال مقطع فيديو يزعم من خلاله قصف الجهاد الإسلامي للمستشفى، والحقيقة أن الفيديو يعود للحرب التي شنها الإحتلال على غزة في أغسطس 2022.

 ومن جهته كتب وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير في تغريدة على موقع إكس بعد المجزرة  ”  لطالما لم تطلق حماس الأسرى الإسرائليين داخل قطاع غزة، فالشيء الوحيد الذي عليه أن يدخل غزة هو أطنان من المتفجرات التابعة لسلاح الجو لاإدخال غرام واحد من المساعدات الإنسانية.

وغرد حنانيا نفتالي بدوره على نفس الموقع  ” القوات الجوية الإسرائيلية ضربت قاعدة عسكرية لحماس داخل مستشفى في غزة” وبعد أن كشف المستور حذف حنانيا  لاحقا التغريدة وقال أنه نشر تلك المعلومات بالخطأ.

ومن جهتها أكدت تقارير إعلامية أن القنبلة التي تم إلقاؤها على مستشفى المعمداني من نوع 84-MK الأمريكية، ومعروف أن أمريكا هي الداعم الأول لإسرائيل في حربها ضد غزة وطالما أعلنت بأنها مستعدة بأن تمد إسرائيل بالأسلحة العسكرية، وبالنظر إلى  نوع القنبلة المعتمدة في القصف، فإنه يبدو جليا  بشكل يقطع الشك باليقين أن إسرائيل هي من شنت الهجوم، لأنها هي من تملك أسلحة بهذا الدمار، ولايخفى على المتتبع لمجريات الحرب المقارنة بين هذه القنبلة ومثيلاتها التي استخدمتها إسرائيل منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر.

عملية إرهابية من المؤكد أنها ستغير مسار الحرب الجارية في قطاع غزة، وبالتالي يمكن القول أن إسرائيل حفرت لنفسها مستنقع بدم الأبرياء من الأطفال والمدنيين العزل الذي استهدفتهم دون أن يرف لها جفن، ويبدو من خلال المؤشرات الأولية أنه سيصعب عليها أن تخرج منه، وبالتالي فإنها لن تكمل الحرب كما بدأتها، بعدما كانت مدعومة بشكل لايصدق على أساس أنها تدافع عن نفسها ضد الإرهاب، فإنه يبدو جليا خاصة في  ضوء ردود الأفعال الدولية التي نددت بهذا الفعل الإجرامي، أنها فقدت الحصانة الدولية التي كانت لديها بفعل دعم أقوى جيوش العالم سواء دعم  بشكل مباشر أو غير مباشر.

جريمة أضعفت موقف إسرائيل التي عملت جاهدة على ترسيخ فكرة عند الرأي العام الدولي مفادها أن حماس منظمة إرهابية والحرب ضد غزة هي ضرورة ملحة تدافع من خلالها عن نفسها ضد الإرهاب، وقد سخرت وسائل الإعلام الغربية لترسيخ هذه الفكرة، والتضليل عن الحقيقة وحجب كل مامن شأنه أن يخرب مخطط الكيان الصهيوني الذي أظهر نفسه للعالم بأنه مظلوم وهو أقوى جيش في المنطقة، وظالمه جماعة من ” المقاومين” همهم الوحيد هو أن يعيدو الأمور إلى نصابها، من خلال مواجهة كيان مغتصب لطالما قتل واعتقل أشخاص لاحول لهم ولا قوة.

 وجاء قصف المعمداني وقلب الموازين وبعثر أوراق إسرائيل، وانقلب السحر على الساحر وبالتالي أصبح من الصعب على الدول والمنظمات التي كانت تدعم إسرائيل أن تستمر في دعمها خاصة وأن الحقيقة لايمكن حجبها بعد جريمة مستشفى الأهلي العربي في غزة، وبالتالي فإنه لايمكن لعاقل أن يرغب في أن يقترن اسمه بجريمة بشعة لم تشهد البشرية مثيلا لها طيلة العقود الأخيرة.

وباختصار يمكن القول إن  اقتراف إسرائيل جريمة المعمداني، عزز موقف حماس، فالعديد من الدول التي اتخذت موقف الحياد من التصعيد بين الجانبين، أدانت اليوم منفذ قصف المستشفى، حتى أن هناك دعوات لمثول  منفذي هذه الجريمة الشنعاء أمام المحكمة الجنائية الدولية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى