دولي

محاولات الولايات المتحدة لإحتواء التهديدات التي تلحقها جراء تأييدها الأعمى لإسرائيل

لوسات أنفو: خديجة بنيس

لم تقتصر تداعيات الموقف الأمريكي من الحرب التي تشنها قوات الإحتلال الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة ، على مصالح الولايات المتحدة ووجودها العسكري في منطقة الشرق الأوسط، بل كانت لها تداعيات في الداخل الأمريكي؛ فقد زاد مستوى انتقاد سياسات الإدارة الأمريكية مع استمرار الدعم للكيان الصهيوني على ارتكاب جرائمه في القطاع،  ليس داخل حزب الرئيس (الحزب الديمقراطي) من التيار التقدمي فقط، بل داخل وزارة الخارجية الأمريكية أيضاً.

ويعرب العديد من الدبلوماسيين الأمريكيين سراً عن شعورهم بالغضب والصدمة واليأس بسبب ما اعتبروه تأييداً “أعمى” من جانب واشنطن لإسرائيل، وهو ما يفرض على الإدارة الأمريكية الدفاع عن سياساتها في الخارج، وفي منطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص، والداخل على حد سواء.

وجاء في تقرير لمركز إنترريجونال للتحليلات الإستراتيجة أنه ردا على التهديدات التي تتعرض لها القواعد العسكرية الأمريكية في العراق وسوريا، وكذلك المواطنون الأمريكيون في ظل التأييد العلني لمسؤولي إدارة الرئيس جو بايدن للمجازر المرتكبة في قطاع غزة التي تنذر بكارثة إنسانية متصاعدة، فقد أعلنت الإدارة الأمريكية عن العديد من الإجراءات لصون المصالح والأمن القومي الأمريكي في الشرق الأوسط.

  وأبرز التقرير أن الولايات المتحدة  تعمل على تعزيز الوجود العسكري في الشرقالأوسط، منذ بداية التصعيد الأراضي الفلسطينية للتأكيد على عدم السماح للميليشيات الموالية لإيران بتهديد المصالح والأمن القومي الأمريكي في المنطقة، وكذا إظهار الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل لحقها في الدفاع عن نفسها، وتأكيد الالتزام الأمريكي بأمن حليفتها الاستراتيجية في المنطقة.

أشار التقرير أن الهدف الأساس من نشر أمريكا قواتها في الشرق الأوسط هو ردع وكلاء إيران في المنطقة من توسيع نطاق الحرب الإسرائيلية على غزة، وفي هذا الصدد تشير العديد من التقارير الأمريكية إلى أن الإدارة الأمريكية تحذر إسرائيل من توسيع عملياتها العسكرية، رغم الإعلان الأمريكي عن أن من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها، والتخلص من حركة حماس؛ لأن ارتفاع التكلفة الإنسانية للغزو البري الإسرائيلي لقطاع غزة قد يُحدث تحولاً في الرأي العام العالمي المؤيد لإسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها بمجرد رؤية القوات الإسرائيلية وهي تقوم بجرائم حرب، وهو ما قد يقوض من الدعم الأمريكي لإسرائيل مع تزايد الضغوط الداخلية والخارجية عليها لإيقاف تل أبيب عن ارتكاب المزيد من الانتهاكات الإنسانية.

فضلا عن  تخوف أمريكي من أن يدفع توسيع الحرب الإسرائيلية وكلاء إيران في المنطقة إلى توسيع نطاق العملية العسكرية الإسرائيلية إلى حرب إقليمية لن تقتصر تداعياتها على الولايات المتحدة فقط، بل ستكون عالمية؛ حيث سيكون لها تأثيرات على الاقتصاد العالمي وارتفاع أسعار النفط والغذاء التي بدأت تنخفض بعد فترة من الارتفاع في أعقاب العملية العسكرية الروسية ضد أوكرانيا.

وقد سبق أن حذر الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال زيارته لإسرائيل في 18 أكتوبر 2023 من سيطرة الغضب على قرارها؛ حيث أشار إلى أن الغضب الذي سيطر على الولايات المتحدة عقب أحداث 11 سبتمبر الإرهابية دفعها إلى ارتكاب أخطاء عدة، في إشارة واضحة إلى الغزو الأمريكي للعراق في مارس 2003.

وبحسب التقريرفإن  تزايد حالة الغضب العالمي من ارتفاع التكلفة الإنسانية للحرب الإجرامية على قطاع غزة، وإعراب العديد من المسؤولين الأمريكيين سراً عن مخاوفهم العميقة بشأن الكيفية التي أدت بها حملة القصف والغارات الإسرائيلية على غزة إلى تفاقم الأزمة الإنسانية وارتفاع عدد القتلى المدنيين، بدأت تتصاعد الدعوات الأمريكية لإدخال المساعدات الإنسانية للفلسطينيين المحاصرين في قطاع غزة؛ فقد دعا وزير الخارجية الأمريكية إلى “وقفات إنسانية” قصيرة للسماح بدخول إمدادات الإغاثة الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها في غزة.

وأفاد مركز إنترريجونال للتحليلات الإستراتيجية أن الولايات المتحدة منخرطة بشكل غير مباشر في مفاوضات الإفراج عن الأسرى لدى حماس ، وبالتالي فإنه رغم الإعلان الأمريكي العلني عن دعم الولايات المتحدة لإسرائيل، فإن الإدارة لا تزال تولي أهمية كبيرة للجهود التي تبذلها مصر وقطر لإطلاق الرهائن الذين يحملون الجنسيتين الأمريكية والإسرائيلية وتحتجزهم حماس، والتي سيكون من شأنها تهدئة التوتر العسكري الذي تشهده الأراضي الفلسطينية الذي قد يتحول إلى حرب إقليمية.

وفي ظل  التوقعات الأمريكية المتزايدة بتزايد الهجمات ضد الأمريكيين في المنطقة مع استمرار العدوان الإسرائيلي في قطاع غزة ، هناك استعدادات لإجلاء الأمريكيين من المنطقة، وقد  طالبت وزارة الخارجية الأمريكية المواطنين الأمريكيين بعدم السفر إلى العراق لأسباب أمنية، وقد سبق أن أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية تحذيراً أمنياً تنصح فيه الأمريكيين في الخارج بتوخي مزيد من الحذر بسبب احتمال وقوع أعمال عنف وزيادة التوترات في مواقع مختلفة حول العالم. وبالفعل طلبت وزارة الخارجية الأمريكية من بعض الدبلوماسيين الأمريكيين غير الأساسيين في سفارة بغداد وقنصلية أربيل مغادرة العراق بسبب التهديدات الأمنية المتزايدة، وكذلك حثت مواطنيها الراغبين في مغادرة لبنان على سرعة القيام بذلك الآن، في وقت لا تزال فيه الرحلات الجوية التجارية متاحة؛ لأن الوضع الأمني لا يمكن التنبؤ به.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى