الحدث

في ذكرى اختطافه: الشهيد المهدي بن بركة والقضية الفلسطينية

قضية فلسطين كانت من القضايا التي دفع الشهيد المهدي بن بركة حياته نصرة لها ودفاعا عنها

عبد الإله إصباح

لاشك أن قضية الشهيد المهدي بن بركة من بين أيرز القضايا التي تجسد بالملموس  تحالف الإمبريالية والصهيونية والرجعية، فاختطافه واغتياله تم بتنسيق أجهزة هذا التحالف الأمنية والاستخباراتية، وقد صدرت في الآونة الأخيرة كتب من تأليف مسؤولين كبار سواء في جهاز الموساد أو في جهاز الاستخبارات الفرنسية أو الأمريكية تؤكد كلها على  هذا التنسيق والتخطيط فيما بينها لتنفيذ عملية الاختطاف  والاغتيال في قلب العاصمة الفرنسية. لقد أظهرت هذه العملية الإجرامية في حق الشهيد الخطر الذي كان يشكله على هذا التحالف، باعتباره زعيما عالميا من زعماء حركة التحرر الوطني ورمزا من رموز اليسار في مرحلة الستينات. تزايد تهديده للمصالح الإمبريالية عندما انخرط في دينامية التحضير لمؤتمر القارات الثلاث من موقع منسق لجنته التحضيرية، فكان رد فعل الإمبريالية وحلفائها هو التعجيل بتصفيته للتخلص من الأخطار التي يشكلها نضاله السياسي بتحالف مع أبرز زعماء الدول النامية أنذاك مثل الصين والهند وكوبا ويوغسلافيا وغيرها من الدول المتطلعة أنذاك إلى تقرير مصيرها السياسي والاقتصادي بعيدا عن هيمنة الدول الاستعمارية.

وكانت للكيان الصهيوني مصلحة أكيدة في تصفيته، فهو لم يكن ليقبل بتحركات الشهيد المهدي بن بركة السياسية المناهضة لمخططاته في عموم المنطقة العربية وخاصة في القارة الإفريقية، وسبق للشهيد أن نبه في محاضرة شهيرة له إلى خطورة التغلغل الصهيوني في إفريقيا، ذلك التغلغل الذي يهدف تطويق المنطقة العربية بمحيط إفريقي مناهض للقضية الفلسطينية ومعاد للأنظمة التقدمية عربيا وافريقيا.

و شكلت علاقته بالزعيم جمال عبد الناصر دافعا لهذا العداء من قبل الأوساط الصهيونية والرجعية، فعبد الناصر أعلن منذ ثورة 1952 عن نهج سياسي تقدمي يناهض من خلاله الدول المشكلة للمحور الرجعي العربي، وهو محور تورط في تنفيذ المخططات الإمبريالية والصهونية ضد أي توجه تقدمي بالمنطقة، خاصة بعد العدوان الثلاثي على مصر في 1956 والذي شكل إفشاله ضربة قاصمة للمصالح الإمبيرالية وتهديدا مؤرقا للأطماع الصهونية التوسعية سواء في فلسطين أو في مجموع المنطقة العربية.

كان الشهيد المهدي بن بركة إذن متواجدا في معمعة هذا الصراع العربي الصهيوني مناضلا من أجل نصرة القضية الفلسطينية، واعيا بمركزيتها  كقضية تحرر وطني في منطقة أصبحت محل أطماع استعمارية ومخططات استراتيجية لتكريس استغلال الثروات وتأبيد الهيمنة على شعوب العالم

كان المشروع السياسي للشهيد الذي بلوره في ” الاختيار الثوري ” يثير هو الآخر مخاوف أعدائه، لأنه  سعى من خلال هذا المشروع ليجعل المغرب يتخلص من تبعيته السيساسية والاقتصادية للدوائر الاستعمارية، وهو هدف لا يمكن تحقيقه إلا بجعل المغرب يصطف موضوعيا ضد أي تحالف امبيريالي صهيوني رجعي، تحالف لا يمكن أن يسمح إطلاقا بنجاح مثل هذا المشروع السياسي التقدمي، ومن تم كان لابد من التخطيط والتنسيق للقضاء على صاحبه وتصفيته نهائيا.

غير أن هذه التصفية الجسدية للشهيد لم تنجح في تصفية القضية الفلسطينية من وجدان الشعب المغربي، فظل و لا يزال مهموما بها كقضية وطنية، ولم تنجح كل المحاولات التي استهدفت صرف اهتمامه بها من خلال ترويج شعارات مغرضة  والسعي إلى قصف الوعي المغربي بأطروحات شوفينية وانعزالية تهدف إلى عزل المغرب عن عمقه الاستراتيجي بهدف جعله لقمة سائغة للمخططات الصهيونية بل اداة من أدوات هذه المخططات في هذه البقعة من الوطن العربي.

ولقد كانت المسيرات المليونية للشعب المغربي لمناصرة القضية الفلسطينية هي الجواب الفعلي ضد كل من يسعون إلى جعل قضية فلسطين مجرد خبر روتيني يتم استهلاكه في نشرات الأخبار المسائية، متناسين أنه من المستحيل أن تصبح كذلك لأنها قضية حرية وكرامة واسىتقلال، قضية كانت من القضايا التي دفع الشهيد المهدي بن بركة حياته نصرة لها ودفاعا عنها

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى