الرأي

رئاسة مجلس حقوق الإنسان… و ماذا بعد؟

كريم الأخضر

انتخب المغرب رئيسا لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف بأغلبية تلثي الأصوات في مواجهة جنوب إفريقيا. الإعلام الرسمي كعادته بالغ في الاحتفاء بهذا الإنجاز واعتبره دليلا على المكانة التي أصبح يحتلها على الصعيد الدولي وتنويها بإنجازاته في مجال النهوض بحقوق الإنسان مع العلم أن هذا المنصب يتم التناوب عليه بين القارات و قد سبق لدول إفريقيا أن حصلت عليه بالرغم من سجلها السيئ في هذا المجال. فوز المغرب ينبغي النظر إليه في حجمه الحقيقي وعدم اعتباره انتصارا ضد منظمات حقوق الإنسان سواء الوطنية أو الدولية التي طالما نبهت إلى مجموعة من التراجعات التي مست حرية الرأي والتعبير والتضييق على عدد من جمعيات المجتمع المدني بحرمانها من وصل الإيداع النهائي واعتقال مجموعة من المدونين فضلا عن محاكمة الصحفيين بتهم جنائية أثارت استغرابا وتساؤلات بالنظر إلى خلفياتها وسياقاتها التي تجعل الهدف منها تغييب الأقلام المنتقدة عن المشهد الإعلامي  لتخلو الساحة للصوت والرأي الواحد.

إن رئاسة مجلس حقوق الإنسان محكومة بمدة قصيرة سرعان ما ستنتهي، ولذلك ينبغي للدولة أن تفكر فيما هو أبقى وفيما يعزز الاستقرار والرفاه، بدل التفكير في الربح التكتيكي والمؤقت في مواجهة دول أو منظمات.

والحقيقة أن الحصول على هذا المنصب ينبغي أن يكون دافعا للمغرب لتحسين صورته في المجال الحقوقي من خلال مراجعة سياسته ذات الصلة بهذا الشأن، فلا يجوز إبقاء المدونين والصحفيين رهن الاعتقال بل لا بد من اتخاد قرارات شجاعة تنتهي بموجبها محنة العديد من المواطنين ومحنة الأقلام الصحفية التي تقضي سنوات من عمرها وراء القضبان. ولا شك أن رئاسة مجلس حقوق الإنسان ستتيح لمثل هذه الخطوات إشعاعا وستعزز من مكانة المغرب وسمعته كبلد خال من معتقلي الراي ومن المعتقلين السياسيين خاصة إذا تم تتويج ذلك كله بإصدار عفو عام عن معتقلي حراك الريف . إن رئاسة مجلس حقوق الإنسان محكومة بمدة قصيرة سرعان ما ستنتهي، ولذلك ينبغي للدولة أن تفكر فيما هو أبقى وفيما يعزز الاستقرار والرفاه، بدل التفكير في الربح التكتيكي والمؤقت في مواجهة دول أو منظمات. إن تقوية الجبهة الداخلية هو الكفيل بربح أهم الرهانات سواء في أبعادها التنموية أو السياسية داخليا أو على مستوى العلاقات الخارجية وصراع المصالح إقليميا ودوليا، وكل ذلك لن يكون ممكنا إلا بمزيد من احترام حقوق الأنسان وتعزير دولة القانون والمؤسسات وفصل السلط واستقلال حقيقي للقضاء يجعله قادرا على الاضطلاع بأدواره في صون وحماية الحقوق والتصدي لأي انتهاكات محتملة تمس الحريات العامة والفردية.

 لا يمكن للمغرب وهو يترأس هذا المجلس أن يستمر في تعاطيه مع حقوق الإنسان من منطلقات إرادة غير مبدئية تروم فقط تقديم واجهة تغطي على الوضع الحقيقي لهذه الحقوق، وتفقد المؤسسات الوطنية ذات الصلة الدور الحقيقي والوظيفة والمصداقية. إن مؤسسة مثل المجلس الوطني لحقوق الإنسان ينبغي أن تخرج من قوقعة تبرير سياسة الدولة والدفاع عنها، بل والتغاضي أحيانا عن انتهاكات اجهزتها، ولن يتم ذلك إلا إذا تمتع فعلا بالاستقلالية الضرورية التي تتيح له لعب دوره الفعال في التصدي لانتهاكات حقوق الانسان أنى كان مصدرها. إن ذلك يتطلب من الدولة أن تكون لها الإرادة السياسية لجعل المغرب فعلا بلد الحقوق والحريات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى