تحليلات استراتيجية

تزايد المخاوف من خطر الإرهاب في أوروبا خلال فترة أعياد الميلاد

لوسات أنفو : خديجة بنيس

حذرت مفوضة الاتحاد الأوروبي للشؤون الداخلية إيلفا يوهانسون، من خطر كبير لاحتمالات وقوع هجمات إرهابية في دول الاتحاد خلال موسم عطلات أعياد الميلاد، مُرجِعة ذلك إلى حالة الاستقطاب التي يعيشها المجتمع الأوروبي حالياً من جراء انعكاسات حرب غزة والاضطرابات المُستمرة بالشرق الأوسط.

ويفيد تقرير لمركز إنترريجونال للتحيللات الإسراتيجية أن  احتفالات أعياد الميلاد تحقق بوجه عام فرصاً جوهرية لأهداف الجماعات التكفيرية، وتأتي هذا العام وسط دعوات خاصة لتنفيذ استهدافات بالدول الأوروبية لدعمها تل أبيب، وبالتالي فإن الجماعات الإرهابية تجد القضية الفلسطينية مادة ثرية لإعادة إحياء أهدافها بالمنطقة المتمثلة في عودة التنظيمات إلى بؤر الضوء الإعلامي مجدداً، وتجديد دعوات الانضمام إلى صفوفها، ودعم شبكات التمويل الخاصة بها عبر إقناع المتعاطفين بأدوارها في الأزمات الدولية.

ويشير المركز أنالجماعات التكفيرية تستخدم احتفالات رأس السنة لبث خطابات عقائدية حول شرعية هذه الأعياد ومخالفتها أحكام الدين، وفقاً لرؤيتهم، ومن ثم تروج لاستهداف المحُتفلين كغاية دينية؛ ما يزيد حشد الذئاب المنفردة نحو تنفيذ الهجمات، ويرفع الاستعدادات الأمنية لمواجهة المخاطر المُحتملة.

ومن تمتسعى التنظيمات الإرهابية لتوظيف حرب غزة وكذلك الصراعات السياسية بمنطقة الشرق الأوسط لتنفيذ هجمات في الدول الأوروبية، واستخدم تنظيم داعش دوريته الأسبوعية (النبأ) لتقديم توجيهات لعناصره بتنفيذ هجمات ضد مجتمعات اليهود بالمنطقة، وكذلك استهداف مصالحهم الاقتصادية.

وتخشى أوروبا تنفيذ الجماعات الإرهابية هجمات ضد التجمعات في المناطق السياحية في أوروبا وتوظيف هذه التجمعات المزدحمة وبالتالي تحقيق ـهدتف إرهابية مهمة تتعلق بإيقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا.

وتسهم مثل هذه الأحداث في زيادة تسليط الضوء على أنشطتها لاستغلال ذلك في الإيهام بامتلاكها قدرات عسكرية مؤثرة على الرغم من الإجراءات الأمنية المُتبعة،هذا وتغذي هذه الهجمات رغبات الانضمام إلى التنظيمات الإرهابية لدى أصحاب الهويات المضطربة.

وتتعلق أبرز الاستراتيجيات القتالية التي تستخدمها الجماعات الإرهابية ضد التجمعات المزدحمة وفق تقرير المركز بمتغيرات الإتاحة الفعلية للأدوات اللوجستية المستخدمة في الهجمات، والقدرات الآلية لإيقاع أعداد أكبر من القتلى والمصابين، مع صعوبة التنبؤ بها أمنياً.

ونجد أن حوادث الدهس هي أكثر الإستراتيجية المستعملة في العمليات الإرهابية  في الآوانة الأخيرة، وهي استراتيجية رخيصة الثمن نسبياً، ويمكن استخدامها لتنفيذ العملية بأكبر قدر متاح من السرية وعدم لفت أنظار الأجهزة الأمنية؛ إذ يمكن توظيف احتفالات عيد الميلاد نفسها لتسهيل عمليات تأجير الشاحنات ثم استخدامها لحصد أرواح الضحايا في الدول المستهدفة، كما يُحتمل هروب المنفذ إذا لم تتعقبه الأجهزة الأمنية سريعاً أو تحاول اغتياله.

ويضيف التقريرأن استخدام الأسلحة النارية ضد التجمعات يحقق الأهداف ذاتها للتنظيمات الإرهابية من حصد أرواح أكثر، ولكنها استراتيجية محفوفة بالمخاطر بالنسبة إلى الإرهابيين؛ لسهولة تعقب عملية تداول السلاح مع احتمالات أعلى لإحباط تنفيذ العملية.

وأما عمليات الطعن فهيطريقة لإيقاع بضع ضحايا في نطاق جغرافي ضيق، بينما تندرج تحت بند الهجمات الانتحارية، ولكن بشكل آخر؛ إذ يسهل السيطرة على المهاجم وتحييده، لكنها تبقى استراتيجية فعالة ضمن إطار العمليات التي يصعب التنبؤ بها أمنياً.

ويعد استخدام القنابل والأحزمة الناسفة من الخطط التي يُمكن إحباطها من قبل الجهات الأمنية؛ لفرض إجراءات صارمة على تداول المواد المستخدمة في عمليات التصنيع وكذلك أجهزة الكشف عن المتفجرات، فضلاً عن التكلفة، ومن ثم فإن حوادث الدهس والطعن هي الأخطر والأعلى احتمالاً للتنفيذ، ويحتاج تقويضها جهوداً عالية.

ويبرز تقرير MIR أن أغلب الدول الأوروبية تحتاج موسم احتفالات أعياد الميلاد هذا العام لتحقيق مكاسب اقتصادية من السياحة والتسوق؛ للتعافي من الآثار السلبية للحرب الروسية الأوكرانية، بجانب ملفات أخرى أسهمت في الضغط على السياسات المالية للمنطقة، ومن ثم ستسعى دول الاتحاد لتكثيف إجراءاتها الأمنية خوفاً من تأثر أرباح الموسم بأي هجمات إرهابية محتملة؛ ولذلك رفعت الحكومات الأوروبية درجة الاستعدادات الأمنية لمواجهة التهديدات المختلفة.

وتشير الاجتماعات المنعقدة دورياً في الاتحاد الأوروبي لبحث الإجراءات الممكن اتخاذها خلال الوقت الراهن، وفق تحليل المركز إلى إدراك سياسي بماهية المخاطر الأمنية المتعلقة بالمنطقة، في ظل فرص للتوظيف العقائدي للأزمات من أجل إثارة فوضى، بجانب التخوف من استغلال النزوح المرتبط بتداعيات حرب روسيا وأوكرانيا لتمرير عناصر إرهابية قد تندس لأهداف خاصة.

وبالتالي فإن اتجاه الدول الأوروبية لتشديد إجراءاتها الأمنية يعكس استباق المخاطر المحتمل نشأتها داخل المجتمعات من جراء الاستقطاب العقائدي من الجماعات التكفيرية، أو الاستقطاب السياسي من التيارات المتطرفة يميناً أو يساراً التي تسعى لتوظيف الهالة الإعلامية لأزمة غزة لتحقيق مكاسب سياسية؛ منها إعادة تقديم نفسها للأنظمة الدولية كحليف أوروبي يمكن التوافق معه، وبالأخص داخل الأنظمة التي شهدت توتراً دبلوماسياً مع إسرائيل خلال الأحداث الأخيرة، إضافة إلى نفاذ شعبي أوسع لدى الجاليات المسلمة أو اليهودية، وفقاً للمسارات السياسية المختلفة لكل تيار وكل بلد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى