تحليلات استراتيجية

تداعيات طوفان الأقصى على أمن الطاقة العالمية

لوسات أنفو: خديجة بنيس

كان للحرب الدائرة بين حماس وإسرائيل عدد من التداعيات المباشرة على أسواق الطاقة، نظرا لتركز احتياطات العالم من النفط، في الشرق الأوسط منطقة الصراع، حيث تضم المنطقة 31% من إنتاج النفط العالمي، و18% من إنتاج الغاز، و48% من احتياطات النفط المؤكدة، و40% من احتياطات الغاز المؤكدة، ما يجعلها تلعب دوراً حاسماً في أسواق الطاقة العالمية، بصفتها مصدراً رئيسياً للنفط والغاز الطبيعي؛ فإنه من شأن أي عدم استقرار في المنطقة، أن يترتب عليه انقطاع في إمدادات الطاقة، ومن ثم حدوث تقلبات في أسعار الطاقة في مختلف أنحاء العالم.

ويشير تقرير لمركز إنترريجونال للتحليلات الإستراتيجية، أنه عقب الهجوم الذي شنته حركة حماس على إسرائيل، أظهرت أسعار النفط العالمية اتجاهاً تصاعدياً مع ارتفاع خام برنت بنسبة 4.2% إلى 88.15 دولار، وخام غرب تكساس الوسيط بنسبة 4.3% إلى 86.38 دولاراً للبرميل في يوم 9 أكتوبر الجاري، في أول يوم تداول بعد أن شنت حماس هجوماً مفاجئاً على إسرائيل في السابع من أكتوبر الجاري، فيما ارتفعت العقود الآجلة للغاز الطبيعي لأوروبا والنفط العالمي بنسبتي 14% و4% على التوالي؛ ما يعكس حالة من عدم اليقين في أسواق الطاقة العالمية والمخاوف من تفاقم الصراع. ومع استمرار الوضع الأمني غير المستقر، قفز خام برنت ليتجاوز 90 دولاراً للبرميل على مدار الأسبوع الماضي الذي انطلقت فيه الهجمات.

 وأضاف التقرير أنه تم إيقاف مشتري الغاز الطبيعي خططهم الشرائية؛ بعدما ارتفعت أسعار شحنات الغاز الطبيعي المسال الفورية في آسيا إلى نحو 10 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، وهي إحدى وحدات مقاييس كمية الطاقة، بما يعد أعلى سعر منذ نحو ثمانية أشهر تقريباً، وهو الوضع الذي دفع مشتري الغاز الطبيعي المسال في آسيا إلى تأجيل وإيقاف عمليات الشراء، حتى تنخفض الأسعار؛ وذلك قبل حجز المزيد من شحنات الغاز لفصل الشتاء؛ إذ يرتفع الطلب على التدفئة.

ومع احتدام القتال يوم 9 أكتوبر الجاري، أبرز التقرير أن إسرائيل  طلبتمن شركة الطاقة الأمريكية “شيفرون” وقف الإنتاج في حقل تمار البحري، الذي يمثل نحو نصف الغاز المحلي الإسرائيلي، كما يعد مصدراً للغاز لكل من مصر والأردن. وفي اليوم التالي، أعلنت شركة شيفرون توقفها عن تصدير الغاز الطبيعي عبر خط أنابيب رئيسي تحت سطح الأرض يمتد بين إسرائيل ومصر، بالإضافة إلى إغلاق ميناء عسقلانأكبر ميناء لاستيراد النفط في إسرائيل ومرفأ النفط التابع له.

وخلص التقرير أنه يمكن للصراع في الشرق الأوسط أن يتسبب في اهتزاز سوق الطاقة العالمية؛ نظراً إلى كونه مورداً حيوياً للطاقة وممر شحن رئيسياً؛ لذا يخشى المحللون من تبعات استمرار الحرب وما يترتب عليها من عدم استقرار أمني واسع، أن تدفع نحو قلقلة استقرار أمن الطاقة العالمي. وثمة قضايا في هذا الصدد تشغل بال المحللين عند التفكير في مدى تهديد الحرب لأمن الطاقة العالمي، ومنها مدى إمكانية حدوث تغيرات في إدارة سوق النفط.

وفي هذا السياق تتجه بعض التحليلات إلى القول بأنه من غير المحتمل حدوث تغيرات كبيرة في إدارة سوق النفط؛ حيث من المرجح أن تسعى السعودية بجانب المنتجين الحلفاء معها في منظمة البلدان المصدرة للبترول أوبك+، إلى مراقبة تأثير الأحداث الجارية، مع تجنب اتخاذ أي قرارات بناءً على التقلبات القصيرة المدى. ومن ثم فإن تصرفات أوبك في خضم الصراع بين إسرائيل وحماس تتوقف على عدد من العوامل، قد تشمل دراسة خطورة الصراع ومدته، وتداعياته على إنتاج النفط والخدمات اللوجستية، والطلب العالمي على النفط خلال هذه الفترة.

وأفاد المركز أنه إذا امتد الصراع، فإن التأثير على أسعار الطاقة واستجابة أوبك الناتجة عنه، سيعتمدان بشكل أساسي على حجم الصراع ومدى انتشاره؛ فإذا ظل الصراع محلياً دون التأثير بشكل واسع على منتجي النفط الرئيسيين أو طرق العبور، فإن أسعار الطاقة قد تشهد تغيراً فورياً لكن محدوداً؛ ما يدفع أوبك إلى الحفاظ على مستويات الإنتاج الحالية.

 وإذا تفاقم عدم الاستقرار الإقليمي لكن دون تأثير مباشر على مصادر أو طرق النفط الرئيسية، فربما تشهد سوق الطاقة العالمية في تلك الحالة تحولات مضاربة؛ ما يدفع أوبك إلى النظر في زيادة الإنتاج من أجل استقرار الأسعار.

أما إذا تعرضت إمدادات النفط لمخاطر واسعة، وامتد الصراع إلى بلدان أخرى أو أثر بدوره على ممرات مهمة كمضيق هرمز، فإن ذلك قد يتطلب من منظمة الأوبك زيادة الإنتاج، أو العمل مع منتجي النفط من خارج أوبك للحفاظ على استقرار السوق. وكلما تفاقمت حدة الصراع ليشمل – على سبيل المثال – حزب الله أو إيران، فإن تدخلات أوبك ستكون أكثر أهمية وإلحاحاً؛ لأن ذلك قد يكون مصحوباً أيضاً بعقوبات أمريكية أكثر صرامةً على صادرات النفط الإيرانية.وفقا لتقرير المركز

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى