تحليلات استراتيجية

تبعات الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الراهن على الداخل الأوروبي

لوسات أنفو: خدبجة بنيس

أفاد تقرير نشره مركز إنترريجونال للتحليلات الإستراتيجية بعنوان ” إرتدادات الصراع”  أوضح من خلاله المركز بأن تبعات الصراع بين حماس وإسرائيل تمتد خارج حدود الشرق الأوسط إلى عدد من الدول الأوروبية  بدرجات متفاوتة، وبالأخص العواصم الكبرى الثلاث، أخذاً في الاعتبار وجود مكون إسرائيليعربي مُعتبَر في تركيبتها السكانية، فضلاً عن ارتباطها التاريخي بالصراع العربي الإسرائيلي.

وأبرز التقريرأن الصراع في غزة يمس بشكل مباشر الأمن والاستقرار في هذه الدول الأوروبية على عدد من المستويات،بحيث يمكن أن تؤدي الحرب بين إسرائيل وحماس إلى موجة عدم استقرار داخلي في أوروبا قد لا تستطيع الحكومات السيطرة عليها، الأمر  الذي يفسرالمواقف المتباينة للدول الأوروبية حول الصراع ؛ ففي الوقت الذي أكدت فيه الدوائر الرسمية في الدول الأوروبية الرئيسية وفي مقدمتها فرنسا وبريطانيا وألمانيا دعمها الكامل لإسرائيل، ووصفت فيه حركةَ حماس بـ”الإرهابية”، فإن المستوى الشعبي والدوائر السياسية بدت مواقفهم أكثر تبايناً.

وبين التقرير عدة مظاهر لمهددات الأمن والاستقرار في عدد من الدول الأوروبية من جراء الصراع الدائر في غزة، وهي مؤشرات لدرجة تأثير الصراع المشار إليه على الداخل الأوروبي، خاصة في ظل اندلاع عدد من التظاهرات في مجموعة من الدول الأوروبية المحورية، في أول إشارة إلى تصدير الأزمة للداخل الأوروبي؛ فبين مؤيد ومعارض لإسرائيل، تباينت ردود فعل أجهزة الشرطة إزاء هذه التظاهرات وفقاً لتقدير درجة حساسية الموقف، ونسبة المكونين العربي واليهودي في التعداد السكاني لهذه الدول.

ولفت المركز أنه من مظاهر عدم الاستقرار أيضاً في العواصم الأوروبية، قيامها بتشديد الإجراءات الأمنية حول بعض المباني التي تُعبِّر عن فئات معينة، في إشارةٍ إلى تخوُّف أوروبي من اندلاع أعمال عنف إزاء اليهود أو العرب؛ وبالتالي تشديد الإجراءات الأمنية على المساجد والمعابد والمدارس اليهودية من طرف العديد من الدول الأوروبية.

وأضاف التقريرأن أثر الصراع بين إسرائيل وحماس  لم يقتصر على المستوى الشعبي في الدول الأوروبية، بل امتد إلى المشهد السياسي والتوازنات الحزبية في هذه الدول، بالطريقة التي أحدثت تغييرات عميقة فيه؛ وبالتالي تعميق الشرخ بين الكتل الحزبية وإفراز انقسامات واسعة ومتنامية في الحياة الحزبية لهذه الدول.

ويفيد التقرير أن هناك احتمالات لنقل الصراع إلى داخل الدول الأوروبية، وذلك باستهداف المصالح الإسرائيلية هناك؛ فضلا  عن تنامي معدلات الجرائم ذات الدوافع الدينيةخاصة في ظل الدعم المطلق من جانب الدول الغربية لإسرائيل.

ووفقا للتقرير فإن هناك مخاوفداخل الدول الأوروبية من إمكانية التعرُّض لموجة جديدة من الإرهاب، وخاصةً أن التنظيمات الإرهابية، مثل داعش والقاعدة، وظَّفت الحرب لتأكيد خطاب المظلومية تجاه الغرب، والدعوة إلى التحرك ضد القوى الدولية الداعمة لإسرائيل. لقد ظهرت مخاوف الدول الأوروبية من الإرهاب في الأيام الماضية مع إخلاء عدد من المطارات الفرنسية بعد تلقِّيها عبر البريد ‏الإلكتروني “تهديدات باعتداءات”، والاشتباه في “وجود متفجرات”،‏ كما تم إغلاق قصر فرساي خلال الأيام الماضية أكثر من مرة على خلفية تهديدات مجهولة بوجود قنبلة.

و في ظل ارتفاع حدة التوتر الشعبي في بعض الدول الأوروبية وتوقُّعات باندلاع مواجهات بين الجاليات أو المواطنين اليهود والعرب، فإن من المتوقع أن تلجأ بعض الدول إلى إعادة مراجعة القوانين واللوائح ذات الصلة بـ”معاداة السامية” و”حماية الأقليات” و”العنصرية”؛ وهذا بهدف تشديدها على الأرجح؛ وذلك في ظل ميل حكومات الدول الأوروبية الرئيسية إلى دعم إسرائيل. هذا وقد بدأت هذه الإرهاصات تظهر في البرلمانين الفرنسي والبريطاني عن طريق تقديم بعض النواب مقترحات لتعديل قوانين معاداة السامية بهدف توفير حماية أكبر لليهود وأماكن تجمعاتهم ودور عبادتهم.

وأورد المركز في تقريره أن الحرب الراهنة من شأنها زيادة الأعباء المالية على الدول الأوروبية،موضحا أن  توقعات زيادة الأعباء المالية على الحكومات الأوروبية من جراء هذه الأزمة لن تقتصر  على زيادة مخصصات الأمن الداخلي والأصول الشرطية، بل من المرتقب أيضاً أن تمتد هذه الأعباء لزيادة الالتزام بضخ مبالغ إضافية للمساعدات لوكالة أونروا وللشعب الفلسطيني؛ فعقب إعلان المفوضية الأوروبية خلال الأيام الأولى للصراع عن تعليق المساعدات للفلسطينيين، تراجعت المفوضية عن هذا القرار، بل تعهدت بزيادة المساعدات الإنسانية عند سماح الوضع الميداني بإيصال المساعدات إلى غزة، وهو ما يضع أعباء إضافية على الميزانيات الوطنية للدول.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى