تحقيق

باعة الجنس المتجولون يطرقون شاشات الهواتف

آية الفتاوي

إنها سوق حقيقية تباع فيها البضاعة الجنسية عبر المنصات الرقمية وفي مقدمتها التلغرام و الانستغرام ، و يحدد فيها محتوى الخدمة بدقة و تخصص فيها تخفيضات للزبناء، نشطاؤها باعة الجنس المتجولين عبر شاشات الهواتف. تبدأ في الشاشة و تنتهي في الشقق. التفاصيل..

 

شهد مجتمعُنا المغربيُّ تحوُّلاتٍ مجتمعيةً عميقةً بالاعتماد واسع النطاق على المنصّاتِ الرقميةِ و بيع المحتوى الشخصي الحميمي ، و يتجاوز هذا التحول التفاعلات التقليدية بل يمتد إلى عالم الأفراد الذين يسعون للحصول على عوائد مالية من خلال بيع محتوى حميمي مثل الصور ومقاطع الفيديو.

في السابق، و على المستوى الرقمي ، كان مصطلح «المحتوى الحميمي» مرتبطًا بموادَّ محدودةٍ، و التي تقتصر على حضور أفلام إباحية ،
و حاليا، تختلف الممارسات المعاصرة على نطاق واسع ، و الممتدة من جلسات التصوير الايحائية إلى التجارب الشخصية، والتي تلبي متطلبات الزبناء المتنوعة؛ حيث يتفق صانعوا المحتوى و الزبناء على نوع الخدمات ، مع التأكد من بلوغ مستويات الراحة المناسبة و المريحة للطرفين، ويتم تحديد الحدود وعروض المحتوى.

كما عرف هذا المشهد تطورات في السنوات الأخيرة ، حيث أصبح صانعو هذا المحتوى الحميمي منتشرين و بقوة على موقع Telegram مؤخرا و بعض المنصات الرقمية الأخرى مثل إنستغرام و واتساب ، للعمل بكل سهولة و أريحية .

و لا يقتصر الأمر على بيع الصور و الفيديوهات الحميمية فحسب ، بل أصبحوا يقدمون خدمات إضافية و التي تختلف قيمتها المادية عن باقي الخدمات الأخرى، حيث يقترح بعض عاملي الجنس خدمة مكالمات الفيديو كوسيلة للتواصل مع العملاء لكونها تجربة أكثر تخصيصًا، مما يعزز الشعور بالتواصل بينهم و بين العملاء، و قد تتجاوز التجربة كونها عن بعد لأخرى أكثر واقعية ، و ذلك بتنقل أحد الطرفين لمكان إقامة الآخر بغية إقامة علاقة جنسية حضورية.

للتعمق أكثر في الموضوع، تواصلت مع إحدى ممتهنات الجنس عن طريق إحدى المنصات الرقمية ، لأكتشف ان التفاوض يتم عن طريق الاستجابة لشروط وأحكام ، و المتمثلة في الأسعار، والحدود، وجوانب أخرى من عملهم، و ذلك بناءً على تفضيلاتهم بالدرجة الأولى وتفضيلات عملائهم إلى حد ما، و قد لاحظت أن كل تعاملاتهم تتكللها الاحترافيةُ.

ترفض صانعة هذا المحتوى الغوص في تفاصيل خدمة إقامة العلاقات الحميمية خارج النطاق الالكتروني، ما لم يقم العميل بشراء ما يسمى ب “PACK” أي مجموعة من الصور و الفيديوهات الحميمية ، و عملية الشراء هاته وحدها ما يخول له الحصول على المزيد من المعطيات لاتمام بقية الخدمات .


بعد أن قمت بشراء ال “PACK” السالف الذكر، و الذي كان يَحُولُ بيني و بين مروري للمرحلة الموالية، كان هذا أشبه بألعاب الفيديو التي لها عدة مستويات، حيث قانون اللعبة يفرض تخطي المستوى الحالي للولوج الى المستوى الموالي.

ادعيت طلب خدمة إقامة علاقة جنسية على أرض الواقع ، لأتفاجأ بأن هذه الخدمة تصنف ضمن آخر الخدمات المقترحة، و لهذا ينبغي على العملاء شراء الخدمة السالفة الذكر ، ”PACK” و كذا خدمة “SEXCAM” أي مكالمات الفيديو، ليتمكنوا من الولوج إلى المستوى الثالت، و هو إقامة العلاقات الجنسية خارج النطاق الرقمي أي على أرض الواقع، و هنا بدأ التفاوض لإتمام الصفقة.

و بعد التوصل إلى اتفاق يرضي الطرفين، استُأنِفَ النقاشُ حول آخر مرحلة من اللعبة ؛

يختلف المبلغ المالي من خدمة الى أخرى و من حساب إلى آخر ، و كذا التعامل مع العملاء يختلف من زبون الى آخر ، فالزبون الوفي يتلقى معاملة خاصة و خصومات مثيرة للاهتمام.

عندما نتكلم عن صناع هذا المحتوى فنحن نتكلم عن شباب، متعلمين و واعيين يختارون طرقا بديلة و مختصرة، مثل امتهان الجنس، غير آبهين لتعارض ما يقدمونه من محتوى مع الأبعاد القانونية والدينية والاجتماعية والثقافية المفروضة على مجتمعنا .
هذا ما قد يكون محيرا في مجتمع يحدد النجاحَ غالبا من خلال المسارات الوظيفية التقليدية.

زر الذهاب إلى الأعلى