تحليلات استراتيجية

الملامح الرئيسية لارتفاع منسوب الخطاب العنصري في القارة الأوروبية

لوسات أنفو : خديجة بنيس

أفاد تقرير لمركز إنترريجونال للتحليلات الإستراتيجية أن  أوروبا تشهد في الفترة الأخيرة ارتفاعاً ملحوظاً في منسوب الخطاب العنصري، تنامي الخطاب المُعادِي للأجانب، بعد أن استطاعت تيارات وأحزاب اليمين المتطرف مكاسب سياسية وانتخابية كبيرة في دول عديدة، مثل ألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة وفرنسا. وتعتبر هذه الظاهرة متعددة الأوجه، تتأثر بمزيج من العوامل التاريخية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية.

ووفق تحليل المركز فقد شهد عام 2023 صعود قوى اليمين المتطرف في الكثير من الدول الأوروبية، وهو اتجاه كان قد رُصد في عام 2022 بإيطاليا والمجر؛  وتشكل عودة نايجل فاراج Nigel Farage إلى المشهد السياسي في المملكة المتحدة، بعد تأسيسه حزب سياسي جديد يُدعَى Reform UK.  وهو الزعيم السابق لحزب UKIP المعروف بمُعاداته للأجانب، أبرز الملامح  المرتبطة بتصاعد تهديدات العنصرية في الدول الأوروبية خلال 2023.

وتشير نتائج استطلاعات الرأي حول الإنتخابات التشريعية 2024 بالمملكة المتحدة ، إلى أن هذا الحزب غير بعيد عن تجاوز حزب الديمقراطيين الليبراليين ليصبح ثالث قوة سياسية في المملكة المتحدة بعد حزبَي العمال والمحافظين؛ حيث يلامس 10% من نوايا التصويت.

هذا وقد جعل حزب الحرية الهولندي من نبرة كراهية الأجانب علامةً فارقةً في خطابه السياسي، واعتبر رئيسه خيرت فيلدرز بعد فوزه في الانتخابات أن الهولنديين يأملون استعادة بلدهم عبر الحد من طالبي اللجوء والهجرة، معتبراً أن هناك فترة صعبة قد بدأت بالنسبة إلى المسلمين في هولندا.

ويشهد الداخل الأوروبي تأجيج المشاعر المُعادِية للمهاجرين، وقد أثارت مشاركة المهاجرين في تظاهرات دعم فلسطين في ألمانيا، مخاوف داخلية بشأن نجاح عملية الاندماج لدى مجموعات معينة داخل المجتمع الألماني.

 وأبرز التقرير أن المخاوف الناتجة عن الهجرة، شكلت  رافعة للصعود السريع لليمين المتطرف في ألمانيا خلال الأشهر الأخيرة؛ حيث أصبح حزب البديل من أجل ألمانيا يحصل على 22% من نوايا التصويت في استطلاعات الرأي، بزيادة 10 نقاط عن انتخابات عام 2021. ولقد تجلى هذا الصعود أيضاً من خلال نتائج الانتخابات الإقليمية التي جرت في 8 أكتوبر2023؛ حيث حصل حزب البديل من أجل ألمانيا على 18.4% في هيسن، و14.6% في بافاريا، وهي نتائج مرتفعة تاريخياً.

كما أظهر استطلاع للرأي أُجري في سبتمبر 2023 في عشر دول أوروبية أن 50% من الفرنسيين يعارضون الهجرة القانونية للسكان غير الأوروبيين إلى داخل الاتحاد الأوروبي. ووفقاً لهذا الاستطلاع فإن الفرنسيين هم الأقل تفضيلاً للهجرة القانونية للسكان غير الأوروبيين داخل الاتحاد الأوروبي؛ حيث اعتبر 12% من الفرنسيين الذين شملهم الاستطلاع أنهم “يؤيدون تماماً” الهجرة القانونية للسكان غير الأوروبيين داخل الاتحاد الأوروبي، و29% “يؤيدونها إلى حد ما”، بينما 30% “يعارضونها إلى حد ما”، و20% “يعارضونها تماماً”، فيما امتنع 9% منهم عن التعليق.

 وجاء في التقريرأن القارة الأوروبية التي كان التنوع الثقافي والاجتماعي مصدر قوة لها باعتبارها قطباً دولياً يدافع عن قيم المساواة والديمقراطيةتشهدتوسع السلوكيات التمييزية في الفترة الأخيرة.

وفي هذا الصددنشرت وكالة الاتحاد الأوروبي للحقوق الأساسية FRA تقريراً عن التمييز العنصري في 13 دولة أوروبية يوم 25 أكتوبر 2023. ووفقاً للتقرير، زاد السلوك العنصري منذ تقرير سابق كان قد نُشر في عام 2016؛ حيث اعتبر ما يقرب من نصف السود الذين شملهم الاستطلاع أنهم يواجهون العنصرية في حياتهم اليومية. وتبين من نتائج التقرير أن هذا الرقم يرتفع بوجه خاص في النمسا إلى 76%، وفي فنلندا إلى 66%، وفي ألمانيا إلى 77%. وقد تزايد هذا التمييز العنصري بدرجة أكبر في المدارس وفي العمل وفي البحث عن السكن وعن العمل.

ناهيك عن تنامي جرائم الكراهية من قبيل  تهديدات وشتائم والإعتداء على الممتلكات والإعتداء والضرب وكذا التحريض على الإرهاب  فقدسجَّلت أرقام الشرطة الألمانية تزايد عدد الأفعال المعادية للسامية في ألمانيا؛ حيث بلغت 540 جريمة في الربع الثالث من عام 2023، فيما سجَّلت في الفترة نفسها من العام السابق 306 جرائم. وتم تسجيل 1518 عملاً أو تصريحاً معادياً للسامية في فرنسا منذ 7 أكتوبر 2023، في مقابل 436 عملاً من هذا النوع خلال عام 2022. ويبلغ الرقم القياسي السنوي السابق في هذا المجال 974، ويعود إلى عام 2004 وفق إنترريجونال للتحليلات الإستراتيجية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى