العفو الملكي وملف حقوق الإنسان بالمغرب
عبد الإله إصباح/ كاتب و محلل
كان للعفو الملكي الأخير على مجموعة من الصحفيين والمدونين وقعا إيجابيا عليهم وعلى عائلاتهم وعلى الوسط الحقوقي وعموم الديمقراطيين. فعلا عمت الفرحة و ساد جو من الحبور والتفاؤل بعد معاناة طويلة وراء القضبان. صحيح أن هذا العفو لم يشمل معتقلي حراك الريف والنقيب محمد زيان، إلا أنه يعتبر مع ذلك مكسبا لا يستهان به في ظل ما كان سائدا من انسداد للأفق وطول انتظار.
هذا العفو هو في حقيقته تصحيح لخطا ما كان له أن يقع أصلا، خاصة بعد تأسيس هيئة الإنصاف والمصالحة وانطلاق مسلسل جبر الضرر لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان
والمؤمل هو أن يتلو هذا العفو عفوا آخر يشمل ما تبقى من المعتفلين السياسيين ومعتقلي الرأي ليتم طي هذه الصفحة نهائيا، فهذا العفو هو في حقيقته تصحيح لخطا ما كان له أن يقع أصلا، خاصة بعد تأسيس هيئة الإنصاف والمصالحة وانطلاق مسلسل جبر الضرر لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في سنوات الرصاص الذي اتخذ له شعار ” حتى لا يتكرر هذا مرة أخرى, ولكن للآسف تكرر ما يفترض أن هيئة الإنصاف والمصالحة أتت لتشكل قطيعة نهائية معه خاصة فيما يتعلق بحرية الرأي والتعبير والصحافة المستقلة. واليوم مع هذا العفو تأتي فرصة أخرى للقطيعة الفعلية والنهائية مع نهج في التدبير يتبرم من الكلمة الحرة والنقد الصريح والرأي المخالف، وهو نهج يسيء لصورة المغرب ويضعف الجبهة الداخلية في ظل تحديات سياسية واقتصادية ومناورات وابترزازات فاعلين على الصعيد الإقليمي والدولي. إن القطيعة الفعلية المتوخاة تقتضي إرادة سياسية لإرساء ديمقراطية حقيقية تعكس الإرادة الشعبية وتنبني على فصل السلط واستقلال فعلي للقضاء وصحافة حرة ومستقلة تراقب أداء المنتخبين والمؤسسات والأجهزة بمختلف أنواعها ووظائفها. فالديمقراطية و دولة الحق والقانون هي الضمانة الضرورية التي تحمي المجتمع من خطر عودة الانتهاكات الماسة بحقوق الإنسان، لآن الأجهزة الأمنية تميل بطبعها إلى التجاوزات والدوس على القانون حتى في الدول ذات التقاليد العريقة في المجال الديمقراطي، ولكن صمام الأمان ضد ذلك هو القضاء المستقل وحرية الصحافة. وبدون هذه الأسس ستتكرر الانتهاكات وسنحتاج في كل مرة وحين إلى نضالات ومناشدات لوقفها والخد منها
حرية التعبير والصحافة واستقلال القضاء ينبغي أن تصبح من ثوابت الدولة، صحيح أن الدستور ينص على ذلك، ولكن هذا التنصيص يفقد قيمته في ظل بنيان دستوري لا يسمح في الجوهر بانبثاق كيان سياسي ديمقراطي. وفي غياب هذا الكيان تغيب الضمانة الحقيقة التي تمنع تكرار انتهاكات الماضي بكل معاناتها ومآسيها