السيد حسن نصر الله.. نضال، بطولة واستشهاد
عبد الإله إصباح/كاتب ومحلل
يستشهد إذن السيد حسن نصر الله في خضم قيادته لمقاومة الاحتلال الصهيوني ونصرة لفلسطين في مواجهة الإبادة الجماعية التي تتعرض لها من قبل كيان فاشي وعنصري مدعوم من الامبريالية الأمريكية وحلفائها الأوربيين والعرب. ناضل ضد الغطرسة الأمريكية والصهيونية لأكثر من اربعة عقود، خبر ميادين القتال ضد العدو في بداية تأسيس ” حزب الله” سنة 1982 وهي السنة ذاتها التي انطلقت فيها المقاومة بكل فصائلها ضد العزو الصهيوني في لبنان وكبدت فيها لأمريكا خسائر فادحة في الأرواح إثر تفجير مقر المارينز واضطرارها للانسحاب ذليلة ومهزومة. ومنذ هذه اللحظة وضع اسم الشهيد ضمن لائحة الاغتيال الأمريكية انتقاما للقتلى من الجنود الأمريكيين. استطاع النجاة في العديد من المحاولات، ومنها واحدة قام بها جهاز استخبارات تابع لدولة عربية حسب تصريح سابق للشهيد.
تسلم مهام ألأمانة العامة للحزب سنة 1992 بعد اغتيال القائد عباس الموسوي، وكان قد اعتذر عنها قبل ذلك حين عرضها عليه الموسوي نفسه وهو لا زال على قيد الحياة. مسؤولية القيادة لم تكن تعني ابدا بالنسبة إليه امتيازات أو ترفا يبعده عن تضحيات قواعد الحزب، وقد اعطى العبرة والنموذج عندما استشهد ابنه سنة 97 ، فاعتبر ذلك قربانا للوطن وللقضية.
تعضدت زعامته بقدرته الفائقة ونبوغه في الخطابة، وتقديم خطاب سياسي عقلاني يستند على تحليل معمق للوضع السياسي في ارتباط بما هو لبناني وإقليمي ودولي، مستحضرا ميزان القوى السائد كمنطلق في اي موقف أو خطوات سياسية اتجاه هذا الحدث أوذلك، مع الحرص على مصلحة لبنان ووحدته وتجنب كل ما يمكن أن يستغل لتهديد السلم الأهلي وزراعة بذور الفتنة والحرب الأهلية. السياسة بالنسبة إليه مبدأ وقضية وتضحية بدون حساب، ولذلك فالخطاب السياسي الذي ينتجه في خضم معاركه ومواجهاته ينتصر دوما لنكران الذات وتقديس شهداء الأرض والقضية، ونبذ العجرفة و سياسة الكيل بمكيالين ونزوعات الهيمنة والسيطرة من قبل أمريكا و كيان الاحتلال الصهيوني.
أكيد أن فقدانه في هذه اللحظة العصيبة خسارة كبرى للحزب وللمقاومة، غير أن هذه المقاومة التي راكمت طيلة اربعة عقود تجارب وخبرات في قتال العدو ستعرف كيف تتجاوز هذه الخسارة، لأن الحزب هو قبل كل شيء مؤسسة، وككل مؤسسة يعتمد الحزب على هياكل وتنظيمات تستطيع أن تتغلب في الوقت المناسب على الفراغ المهول الذي سيتركه غياب قائد فذ من حجم و وزن الشهيد حسن نصر الله.
ولآن القائد الشهيد انحاز دائما لوطنه، ولقضايا شعوب العالم العادلة، لذلك كان من الطبيعي أن تعبر كل الفصائل الفلسطينية واللبنانية عن إدانتها للجريمة النكراء، وكذلك كل القوى التقدمية في العالم العربي والعالم كله. ليس مناضلا ولا مبدئيا ولا يساريا كل من لم يحزن لفراق هذا الإنسان الاستثنائي وهذا البطل الذي اصطف باستشهاده إلى جانب عظماء وزعماء حركات التحرر الوطني ضد الإمبريالية والصهيونية كرمز أممي يمثل تعبيرا صادقا عن روح شعوب متطلعة إلى الحرية والكرامة والاستقلال