روبورتاج

الداخلة جنة الساحل و الصحراء المكان الأمثل للسياح المغاربة من ذوي الدخل المحدود

 

الداخلة: سيدي محمد الزعيم

كيف يمكن لسائح مغربي محدود الدخل أن يقضي عطلة ساحرة بجنة الساحل و الصحراء، مدينة الداخلة الآسرة؟ أين يقيم؟ و أية وسيلة يستعمل للوصول  إلى تخوم متعته بالخلجان و الشواطئ؟ أية مطاعم تحترم ميزانيته المحدودة؟ و أية أطباق يمكن أن يطلب؟ و اية فضاءات لا ينبغي له أن يفلتها؟ و ما الغنيمة الثمينة التي سيحصل عليها من زيارته لهذه المدينة؟ في هذا الروبرتاج، كل شيء عن السياحة في مدينة  الداخلة للمغاربة محدودي الدخل، فليس لهذه الجنة أبواب تفتح للأغنياء فقط، إنها صدر يتسع للجميع.

لكل أرض قدسيتها ولكل مجال سحره. وعلى ساحل المحيط الأطلسي بين الساحل الأخاذ ورمال الصحراء الذهبية توجد مدينة شيدها الإسبان سنة 1884 واشتهرت في عهدهم باسم “فيلا سيسينيرو” كناية عن الكاردينال الإسباني فرانسيسكو خيمينيز دي سينسيرو الذي عاش فيها إبان التواجد الإسباني بالمنطقة في القرن السادس عشر وهي شبه جزيرة تمتد داخل البحر بمسافة تناهز الأربعين كلم وهذا هو سبب تسميتها الحالية بمدينة الداخلة.

هذه المدينة الساحلية الجميلة التي صنفتها نيويورك تايمز ضمن أفضل الوجهات العالمية سنة 2012 وهي من أبرز الوجهات السياحية التي تستقطب السياح الأجانب والسياح المغاربة خاصة في عطلة نهاية الأسبوع والتي تنتعش خلالها السياحة الداخلية حيث يتبارك إليها أعداد لابأس بها من السياح المغاربة للاستمتاع بكل ماتزخر به عاصمة جهة وادي الذهب من مؤهلات طبيعية تسلب الألباب وتروح عن النفس.

وتتميز مدينة الداخلة بتنوعها الجغرافي الذي يجمع بين الساحل بأمواجه الجميلة والكثبان الرملية الأمر الذي يجعلها وجهة محببة لدى الكثير من المغاربة فضلا عن التنوع الثقافي الذي يمتزج فيه ما هو صحراوي بما هو افريقي خاصة على مستوى بعض العادات والتقاليد والأكلات المشتركة التي تشتهر بها المنطقة وتحوز اهتمام السياح المغاربة الذين يتوافدون إليها سواء عبر الحافلات أو بسياراتهم الخاصة ويقطعون اميالا كثيرة لاكتشاف هذه المنطقة التي تعتبر مسك الختام للمدن  الجنوبية والمتاخمة للحدود الموريتانية.

تبدو أجمل الأماكن التي تجذب اهتمام الكثير من السياح قبل وصولهم إلى المدينة،  حيث تبتدئ لحظات الإستمتاع إبان دخولك البهي وتجاوزك لمنطقة 40 المعروفة ب”كارونت”، بحكم أن المدينة عائمة في البحر على امتداد هذه المسافة ليتفاجأ السائح وهو بمنطقة 25 المعروفة محليا بالتروك، وسابقا “اوتيل الفرس” بالحسانية بمشاهد جذابة تلتقي فيها زرقة البحر مع اللون البني للرمال في مشهد رائع منقطع النظير وبداخله هواة رياضة كايت سورف الذين يستمتعون بمداعبة الرياح و ملامسة السطح المتموج لمياه البحر.

تليها مباشرة منطقة بوطلحة التي تعرف تواجد عدد من المقاهي التي تطل على خليجي وادي الذهب، وعلى الجهة المعاكسة توجد ضيعات فلاحية للطماطم، قبل الوصول لمنطقة تاورطة ثم شاطئ أم البير والذي يتواجد به عدد من الفنادق التي تطل هي الأخرى على المحيط الأطلسي، قبل الدخول إلى المدينة والتي تتميز بكورنيشها الجميل الممتد إلى ميناء الجزيرة.

أما داخل المدينة فأغلب الأماكن التي يمكن أن تشد انتباه السياح المغاربة هو كورنيش المدينة وبعض المقاهي التي تطل على خليجي وادي الذهب والتي تعتبر المتنفس المثالي لسكان المدينة  و لزوارها أيضا،  ومن أهمها مقهى سمرقند ناهيك عن الأسواق التي تنتعش نهاية الأسبوع ،إذ يقتني الكثير منهم المنتوجات الصحراوية خاصة الزي والعطور والأحذية والإكسسوارات التي يبدع صناع المدينة في صنعها وعرضها بشكل جميل وأخاذ . وأشهر هذه الأسواق هو ما يعرف محليا بسوق تيرس أو شارع تيرس، الذي يعرف حركة كبيرة منذ العصر والى منتصف الليل.  ويوجد داخل هذه السوق عدد من الفنادق التي تقدم خدماتها بأثمنة بسيطة لا تتجاوز 50 درهما إلى 100درهم لليلة الواحدة.

ولعل من أشهر المناطق المتواجدة بنواحي الداخلة منطقة إمليلي ذات البحيرة الجميلة التي تعد قبلة محببة للعديد من الزوار بالإضافة إلى شاطئ بورتو ريكو الرائع ومنطقة العركوب التي تعرف توافدا كبيرا لهواة صيد الأسماك على طول ساحل الجماعة وهذه المناطق تحتاج الى الإتصال بإحدى وكالات السياحة أو التوفر على سيارة للوصول إليها والإستمتاع بمناظرها الطبيعية الجميلة. هذا التنوع الطبيعي يتماهى مع التنوع على مستوى الأكلات الشعبية وأشهرها أكلة “الأرز وسمك القرب” المعروف بكوربينا اللذيذ، وهذه الأكلة هي من الأكلات المحبوبة لدى ساكنة الداخلة وكذا الكثير من زوارها كما تمتاز مدينة الداخلة بأطباق متنوع للأسماك وخاصة المحار الذي يعتبر أحد الأكلات الذي يلقى إقبالا كبيرا من الزوار وأيضا السياح الأجانب.  وما يزيد من الإقبال على هذه الأكلات جودة الأسماك وتوفرها برغم اسعارها المرتفعة لكنها تبقى رخيصة بالمقارنة بأسعارها بأماكن أخرى خارج مدينة الداخلة.

مميزات هذه  المدينة تجعل النفس البشرية التي تميل إلى الهدوء والإستكانة بتمضية وقت جميل،  مرتعا خصبا للتخلص من ضغوط الحياة المتراكمة. و الداخلة هي  جنة الباحثين عن الاستجمام والاستمتاع بعطاء الطبيعة الذي لا ينضب تنوعه. وبحسب الكثير من زوارها فلهذه المدينة نكهة خاصة وشبق متميز لا يمكن أن يحيد عن منطق الباحث عن المتعة و الحياة في صفائها و توهجها…

نصيحة:  لا تضيع وقتك اقصد الداخلة فهي مأوى الحالمين و جنة الذين يعرفون معنى الحياة، فيها الشمس لطيفة و السماء أغنية و البحر و الرمال حكايات مدهشة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى