الرأي

أيوب داهي يكتب : حول مدونة الصحافة و النشر بالمغرب

لوسات أنفو : أيوب داهي
تظطلع مهنة الصحافة بجملة من المهام و الوظائف الأساسية منها الإخبارية و التثقيفية و التربوية و التأطيرية، و هي الأدوار التي تمنحها أهمية خاصة و مكانة حساسة داخل المجتمع و تجعل من الضرورة وضع إطار قانوني ينظم هذا الحقل و الذي تمثل في مدونة الصحافة و النشر.
سنتطرق في هذا المقال إلى النصوص الثلاث المكونة لهذه المدونة حيث سنقسمه إلى ثلاث محاور، حيث سنخصص الأول لقانون 88.13 حيث سنبرز سياقه و مضامينه و مستجداته، و على نفس الشاكلة سنتطرق في المحورين الثاني و الثالث لقانوني 89.13 و 90.13 .
أولا : قانون الصحافة و النشر رقم 88.13
بعد إقرار دستور 2011 و ما تضمنه من توسيع لمجال الحريات و تشجيع على التنظيم الذاتي و الديموقراطي و المستقل لمهنة الصحافة و ضمان للحق في الوصول للمعلومة، تم في أكتوبر 2012 تعيين اللجنة العلمية للحوار و التشاور حول مشروع مدونة الصحافة و النشر برئاسة محمد العربي المساري حيث استقرت اللجنة على استخراج ثلاث مشاريع قوانين اصطلح عليها بمدونة الصحافة و النشر.
و في 29 يوليوز 2015 تمت المصادقة في مجلس حكومي على مشروع قانون رقم 90.13 يقضي بإحداث المجلس الوطني للصحافة و في 12 أكتوبر 2015 تمت المصادقة في مجلس حكومي آخر على مشروع قانون رقم 89.13 يتعلق بالنظام الأساسي للصحافيين المهنيين .
أما بخصوص مشروع قانون قانون 88.13 المتعلق بالصحافة و النشر فقد صادق عليه مجلس الحكومة المنعقد يوم 23 دجنبر 2015 و تمت إحالته على البرلمان بغرفتيه ، كما تمت إحالته على لجنة التعليم و الثقافة و الإتصال، ثم رجع النص إلى مجلس النواب من أجل قراءة ثانية قبل عرضه على الجلسة العامة لتتم المصادقة عليه بالإجماع يوم 26 يوليوز 2016، ليصدر في الجريدة الرسمية بتاريخ 15 غشت 2016.
و تضمن هذا القانون مستجدات ترتبط بتعزيز ضمانات الحرية في الممارسة الصحفية و تعزيز دور القضاء في حماية حرية الصحافة و إعتماد الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب كمرجع لقانون الصحافة و النشر و حماية حقوق و حريات المجتمع و الأفراد و تعزيز الصحافة الإلكترونية و تشجيع الاستثمار و تطوير مقتضيات الشفافية و تعزيز استقلالية الصحفي و المؤسسة الصحفية .
ثانيا : القانون الأساسي للصحفيين المهنيين رقم 89.13
تضمن هذا القانون العديد من المستجدات، تتعلق أساسا بتحويل صلاحية منح بطاقة الصحافة للمجلس الوطني للصحافة بالإضافة إلى التنصيص على شرط المؤهل الجامعي او الاستفادة من نظام التكوين المستمر من أجل الولوج إلى ممارسة الصحافة المهنية ، كما تضمن بعض المقتضيات لتحصين مهنة الصحافة من المتورطين في جرائم الاتجار في المخدرات او النصب او الابتزاز او الاحتيال او الارتشاء او استغلال النفوذ كما منح صلاحية سحب البطاقة المهنية للقضاء و ليس الإدارة. و هدف هذا القانون إلى تكريس مبدأ استقلالية الصحفي عبر جعل منح البطاقة و الولوج إلى المهنة من اختصاص المهنيين. كما نص هذا القانون على أن فترة الاختبار لا يجوز أن تتجاوز ثلاث اشهر التي تشغل فيها المؤسسة الصحفية صحفيا مهنيا.
كما يحق للصحفي المهني أن يرفض نقل خبر او بثه للجمهور بتوقيعه عندما تدخل عليه تغيرات جوهرية دون رضاه، و أما بخصوص المقتضيات الخاصة بالصحفي المهني المعتمد فتمنح له البطاقة من طرف الإدارة لمدة سنة و تجدد وفق الكيفيات المحددة بنص تنظيمي. و يتعين على الصحفيين المعتمدين و من في حكمهم أن يزاولوا مهنتهم في احترام تام للنصوص التشريعية الجاري بها العمل و ميثاق أخلاقيات المهنة.
ثالثا : قانون رقم 90.13 القاضي بإحداث المجلس الوطني للصحافة
يندرج هذا القانون في إطار تنزيل أحكام الفصل 28 من الدستور الذي ينص على تشجيع السلطات العمومية على تنظيم قطاع الصحافة بكيفية مستقلة و على أسس ديمقراطية و على وضع القواعد القانونية و الأخلاقية المتعلقة به. و يهدف هذا القانون إلى التنظيم الذاتي للجسم الصحفي، كما يظطلع بمهام الوساطة و التحكيم و يعمل على تعزيز احترام أخلاقيات المهنة و الارتقاء بالممارسة الصحفية و كذا تتبع حرية الصحافة.
و يعهد بمقتضى هذا إلى المجلس الوطني للصحافة بتولي وضع ميثاق أخلاقيات المهنة و منح بطاقة الصحافة المهنية و ممارسة دور الوساطة في النزاعات القائمة بين المهنيين و كذا النظر في القضايا التأديبية التي تهم المؤسسات الصحفية و الصحفيين الذين أخلوا بواجباتهم المهنية و ميثاق أخلاقيات المهنة.
و في الأخير و على الرغم من كل الإيجابيات التي قد تتضمنها لا بد من الوقوف على عدد من المؤاخذات من قبيل :
– عدم التمييز بين النشر و هو حرية و حق و بين الصحافة كمهنة حيث تم اشتراط مواصفات في مدير النشر أهمها أن يكون صحافيا مهنيا.
– إلغاء العقوبات السالبة للحرية من مدونة الصحافة و النشر و ترحيلها للقانون الجنائي .
– استثناء الصحافة الأجنبية من مسطرة الإيداع لدى القضاء.
– إشتراط أقدمية مبالغ فيها للترشح لعضوية المجلس الوطني للصحافة أدت إلى إقصاء تمثيلية الصحافة الإلكترونية.
أيوب داهي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى