دولي

أزمة ثقة بين الأمركيين ونخبهم السياسية

لوسات أنفو: خديجة بنيس

أفاد تقرير  نشره مركز إنترريجونال للتحليلات الإستيراتيجية، أن الثقة السياسية أو الثقة في النخب  السياسية؛ تتأثر سلبا أو إيجابا بالأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية السائدة.

وارتباطا بذلك كشف استطلاع الرأي نشرت نتائجه حديثا لمؤسسة “جالوب”؛ عن تراجع ثقة المواطنين الأمريكيين في نخبتهم السياسية إلى حد تفضيل نخب أخرى، سواء بريطانية أو أوكرانية، والمثيرالتوافق الحزبي النادرفي نتائج هذا الإستطلاع؛ بحيث اتفق الديمقراطيون والجمهوريون على شعبية العائلة المالكة في بريطانيا.

ويشيرالتقرير إلى أن هذه النتائج تثير مجموعة من  التساؤلات عن حدود أزمة الثقة تلك، ومدى تأثيرها في الديمقراطية الأمريكية، خاصة بعد أن شكك الأمريكيين في صحة النظام الديمقراطي الأمريكي، الأمر الذي خلف أزمة حادة في الديمقراطية الأمريكية عموما؛ بحسب ااستطلاع آخر لمركز”بيو (Pew).

وبحسب المركز، أشار الإستطلاع عينه إلى تناقص شعبية الجمهوريين بعد أن أظهرت النتائج  تراجع الثقة في رئيس مجلس النواب الأمريكي الجمهوري “كيفن مكارثي” بالمقارنة بالرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب” وحاكم فلوريدا “رون ديسانتيس”. ولفت إلى أن 1 فقط بين كل 5 ديمقراطيين ينظرون إلى “مكارثي” بشكل إيجابي.

واستنادا للإستطلاع ذاته،تراجعتالثقة في الديمقراطية الأمريكيةبحيث أن ثلثَي البالغين من الأمريكيين لديهم ثقة ضئيلة أو معدومة في الحكومة الفيدرالية والقيادات الأمريكية،  وأن تلك الثقة آخذة في التقلص.الأمر الذي يطرح صعوبات في حل بعض التحديات الرئيسة التي تواجهها البلاد.

ويضيف تقرير المركز أن البعض يدفع  بأن الثقة العامة باتت تقترب من أدنى مستوياتها التاريخية، لإن الأمريكيين يشعرون بأن حياتهم لم تعد ملكا لهم بل تتحكم فيها فئات بعينها، وبالتالي فالأزمة السياسة الأمريكية ليست مجرد أزمة حزبية، بل أزمة شرعية وأزمة ثقة عامة وأزمة قيادة.

وتعود أزمة الثقة في النخبة السياسية الأمريكية، بحسب مركز إنترريجونال للتحليلات الإستراتيجية إلى التأثير السلبي للسياسات الحزبية الأمريكية في سمعة القيادات السياسية، والتي طالت  حتى الرئيس الأمريكي “جوبايدن”، نظرا لإخفاق هذه النخب في مواجهة التحديات الأمريكيةالتي تمس صميم حياة المواطنين اليومية في ظل الأزمة العالمية.

بينما تشير تحليلات إلى أن تراجع ثقة الأمركيين في نخبتهم السياسية راجعة بالأساس إلى تزايد التهديدات للحقوق المدنية الأمريكية؛ بعض الجراح الكامنة في جسد المجتمع الأمريكي،  خاصة تلك التي تسلط الضوء على انعدام المساواة داخل المجتمع الأمريكي وثقل إرث العنصرية المتغلغلة في المؤسسات الأمنية والشرطية الأمريكية من ناحية ثانية.

ووفق MIRتشير بعض التحليلات إلى أن الأزمة تكمن بالأساس في بعض النخب التي تمكنت من الوصول إلى سدة حكم البيت الأبيض، وتسعى للوصول إليه مرة أخرى. وارتفاع  عدد الطامحين إلى مناصب عليا، ليتنافسوا على عدد ثابت نسبياً من المواقع القيادية،  وينتج على خلفية ذلك الصراع  تآكل الأعراف والمؤسسات الاجتماعية التي تحكم المجتمع.

ولطالما كان “ترامب” في  نظر كثيرين تهديداً دائماً للديمقراطية الأمريكية بعد أن هاجم تقريباً جميع المبادئ الديمقراطية الراسخة، سواء تلك المتعلقة بالتداول السلمي للسلطة أو نزاهة العملية الانتخابية، أو مشاركة المواطنين السياسية؛ ومن شأن رغبة “ترامب” في خوض السباق الرئاسي مجدداً، أن تعيد إلى الأذهان شبهات الفساد والاستقطاب السياسي الحاد الذي تسبب فيه،ما يعني صعوبة بناء الجسور أو ترميم صدع الثقة المتراجعة في ظل وجود تهديد وجودي للديمقراطية الأمريكية، وبالتالي إحداث أزمة شرعية فجة.

وخلص تقرير مركز إنترريجونال للتحليلات الإستراتيجية، إلى أنه  تراجع الثقة في قدرة النخبة الأمريكية – وبالتبعية الحكومة الفيدرالية – على تغيير حياة المواطنين إلى الأفضل، وسط تكهنات بأن أزمة الثقة تلك لن تسفر إلا عن فك الارتباط بين المواطنين والحكومة الأمريكية؛ ما يؤدي إلى تراجع تمثيل الحكومة الأمريكية للمواطنين على اختلافهم، بل إلى مزيد من الانقسامات السياسية، وتفاقم التحديات الأمريكية بعد أن شهدت إدارة “بايدن” كثيراً منها؛ وذلك على شاكلة الانسحاب الكارثي من أفغانستان، وفيروس كورونا، وتردي أوضاع الاقتصاد الأمريكي. لذا تتزايد أهمية تخفيف حدة الحزبية السياسية، بالتوازي مع توجه النخبة الحاكمة مباشرةً إلى المواطنين لاحتواء مخاوفهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى