5 أكتوبر: يوم قمع المدرس بالهراوة وبالنظام الأساسي الجديد
لوسات أنفو: عادل أيت واعزيز
«قطعوا قميصي وصفعوني، هشموا جمجمتي، وآخرون لُكموا ورفسوا». هكذا يصف لنا أحد الأساتذة، ما عاشه يوم 5 أكتوبر، اليوم العالمي للمدرس. وفي الرباط حيث يلتقي موظفو وموظفات قطاع التعليم، في مسيرة وطنية، يشتركون في مصير واحد ومطلب موحد؛ الاحتجاج على النظام الأساسي الجديد، الذي استمر الاستياء منه. إلا أن النظام الحالي، فاجأ هيئات التدريس، فهو غير مثير ومحمس لعدد من الفئات؛ أساتذة كل الأسلاك، المستشارون، المتصرفون والتربويون، الملحقون، أطر الدعم…
في هذا اليوم الذي تحتفي به دول العالم، وتنظم فيه اليونيسكو ومنظمة التعليم EI، وغيرها حملات لفهم أفضل لدور المدرسين والمدرسات، وفي رقعة جغرافية كالمغرب، تختفي هذه الصورة، حينما نرى مشهد أستاذ ملقى به على قارعة الطريق، أو مشهد نعل أستاذة مرمي في الرصيف، افترقت عنه وهي تلوذ خوفا من الهراوة، أو أستاذا يسوقه الأمن لاعتقاله.
أمام وزارة التربية الوطنية، وفي اتجاه البرلمان، تصدح شعارات كـ:«رفضنا الجماعي للنظام الأساسي»، الذي تم في مقاربة سميت بالتشاركية اعتمدتها الوزارة والنقابات التعليمية الموقعة على اتفاق 14 يناير 2023، وهي: الجامعة الوطنية للتعليم (UMT)، والنقابة الوطنية للتعليم (CDT)، والجامعة الحرة للتعليم (UGTM)، والنقابة الوطنية للتعليم (FDT)، لكن الشارع المغربي له رأي اخر، ولشغيلة التعليم شعار اخر ترفعه المئات في مدينة الرباط: «الموقِّع سير فحالك.. النضال ماشي ديالك»، ثم يرددون بقوة: «ونقابات الخونة..».
وباستثناء الجامعة الوطنية للتعليم (FNE)، التي دعت لإضراب عام يوم 5 أكتوبر 2023، يرافقه وقفة ومسيرة احتجاجية، رفضت توقيع شيك على بياض، وفضلت التخندق إلى جانب الشغيلة التعليمية، ويصرح لنا الكاتب العام للجامعة الوطنية FNE عبد الله غميمط:«هذه المحطة الاحتجاجية جاءت على إثر صدور ومصادقة المجلس الحكومي على النظام الأساسي التراجعي لموظفي قطاع التعليم، الذي لا يستجيب لأدنى المطالب التي طرحت على طاولة المفاوضات من طرف الحركة النقابية، وفي مقدمتها الجامعة الوطنية للتعليم FNE التوجه الديمقراطي، وسجلنا أن هذا النظام الأساسي جاء مكرسا للتعاقد أولا، وثانيا مسقفا للتوظيف 30سنة»، يضيف عبد الله غميمط:« هذا استهداف لهيئة التدريس، التي لم يتم منحها أي تعويض وأي زيادة في الأجور وأي تغيير في نقط الأرقام الاستدلالية، واستهداف للوضع الاعتباري للمدرسين في إطار الغارات والهجومات التي تنظمها وزارة التربية الوطنية من خلال مشاريعها الطبقية على المدرسة العمومية والعاملين فيها، تثمينا وتنفيذا لاملاءات البنك الدولي وهذا ما لايمكن لنا إلا أن نرفضه كجامعة وطنية للتعليم التوجه الديمقراطي وكتنسيق وطني لقطاع التعليم الذي يضم مجموعة من الجمعيات المهنية والتنسيقيات الفئوية ». يواصل الكاتب العام للجامعة حديثه للوسات أنفو قائلا:« المحطة كانت ناجحة والاضراب كذلك أيضا، وبشكل تجاوز ٪90 على المستوى الوطني في جميع أسلاك الابتدائي والاعدادي والتأهيلي، وجميع الفئات استجابت للحركة الاضرابية».
و ماذا بعد إضراب 5 أكتوبر، يجيبنا عبد الله غميمط:« معركة التعليم ستظل مستمرة، مادام الظلم والحكرة والاقصاء معمم على الشغيلة التعليمية، ومكرس للتمييز تجاه قطاع التعليم على مستوى الأجور والتعويضات على مستوى مجموعة من المطالب. لذا، التنسيق الوطني لقطاع التعليم سيجتمع لاتخاذ المتعين وكذلك الجامعة الوطنية للتعليم كعضو داخل هذا التنسيق ستجتمع أجهزتها من أجل وضع برنامج نضالي في مستوى رهانات اللحظة وتفاعلا مع رجال ونساء التعليم، ورفضا لهذا النظام الأساسي الانتكاسي والتراجعي».
ولأنه لم يتم الأخذ بعين الاعتبار لمجموعة من الفئات، يستعرض الكاتب العام عبد الله، هذه الفئات: «هناك المقصيين والمقصيات خارج السلم مزاولين ومتقاعدين، أطر الإدارة التربوية المتقاعدين، ضحايا النظامين، الزنزانة 10 بكل مكوناتها، المبرزين، المستشارين في التوجيه والمستشارين في التخطيط، ملحقي الإدارة والاقتصاد وملحقي التربويين، أطر الدعم الاجتماعي والتربوي، المساعدين الإداريين والمساعدين التقنيين، كما تم أيضا إقصاء المربيات والمربيون للتعليم الأولي من الوجود داخل هذه الوثيقة التراجعية، وهذا حيف لا مثيل له تجاه هذه الفئة المهمة والحاصلة كذلك على الاجازة و الماجستير و الدكتوراه، ودبلوم الدراسات الجامعية إلى غير ذلك، يقول غميمط».
ولكون النظام الأساسي الجديد، يتجاوز الحدود الاقتصادوية، إلى حدود املاءات المؤسسات الدولية وسياستها، فإن الدولة ستحاول رفع يدها على المجالات القطاعية الحيوية، بسبب المديونية والتبعية، وفي مقدمة هذه القطاعات، التعليم. وفي الوقت الذي انتظر فيه الشغيلة أن يجب النظام الأساسي الجديد على انتظاراتهم، سواء فيما يتعلق بظروف العمل، أو بالترقية والوضع المادي والاعتباري، وإدماج كافة الأساتذة والأطر التربوية والإدارية الذين فرض عليهم التعاقد في الوظيفة العمومية، الذي لازمه لقاءات ماراثونية بين النقابات وممثلي الوزارة، لم تصل إلى نفض الغبار وإجلاء الضبابية على التفاصيل، ومنح النظام الأساسي تعويضات سنوية وصلت ل4000درهم لمن هم خارج الأقسام الدراسية ( المدراء، الحراس، المفتشين…) ومنح : ”شكرا لمجهوداتكم”. لمن هم داخل الأقسام (الأساتذة).
وهذا ما أكده لنا الباحث التربوي عبد الوهاب السحيمي، في تصريح خاص للوسات أنفو، «الشكل النضالي الذي جسده الأساتذة والأستاذات، يوم 5 أكتوبر 2023، الذي كان عبارة عن وقفة أمام وزارة التربية الوطنية، على أن تتبعها مسيرة في اتجاه البرلمان، كما كان هناك إضراب وطني وعرف نجاحا كبيرا، يأتي للرد على ماجاء فيي مضامين النظام الأساسي الجديد، الذي أجهز على المكتسبات التاريخية لهيئة الأساتذة، كما أنه لم يكن منصفا وعادلا تجاههم، حيث تم، للأسف لم يخصص أي زيادة في الأجور للأساتذة، كما أنه لم يقم بتعويضهم، وهذا النظام الأساسي الجديد الذي أثقل كاهل الأساتذة بمهام جديدة، المفروض فيه أن يوازع تعويضات».
وعن الحيثيات التي مرت فيه مسيرة اليوم العالمي للمدرس في العاصمة، يضيف السحيمي: «وإذا بنا نتفاجأ أنه تم تطويق الوقفة ومنع الأساتذة، وتعرض الأساتذة والأستاذات لقمع همجي، خلف عدة إصابات واعتقالات.» ويتأسف السحيمي في تصريحه «مع الاسف أربع نقابات وقعت باستثناء الجامعة الوطنية للتعليم التوجه الدمقراطي، ولم تشارك في اللقاءات على الأقل منذ 14 يناير 2023، أما بقية النقابات فوقعوا على ما جاء في هذا النظام الأساسي، وطبيعي أن يكون هناك غضب وسخط عارم من طرف نساء ورجال التعليم تجاه النقابات الموقعة». وفيما بعد هذا الحدث، يجيبنا «ستكون أشكال نضالية أخرى في الأيام القليلة المقبلة للرد على ما جاء في هذا النظام الأساسي الجديد».
بعد طوفان الأساتذة الذي الجارف بالرباط، وجحافل أخرى تركت وراءها قاعات الدرس خاوية في يوم عيدها، لا مجال للريبة أن هذا النظام الجديد، قد يقسم ظهر المدرسة العمومية لصالح الخاصة، فإذا تم إطفاء المدرس بالنظام، ينقص عطاؤه، وإذا نقص عطاؤه سيتردى مستوى التلاميذ، وتعود المدرسة للوراء، والخاصة للأمام، وفي السير نحو الخوصصة.
5 أكتوبر، هو بمثابة استفتاء على مشروعية تمثيلية النقابات الموقعة أو الصامتة على تمرير هذا المشروع، الذي لن يساهم إلا في خلق هشاشة داخل قطاع التعليم، من خلال الفئوية التي ينادي بها: (متعاقد/مرسم، مُعَوَّض / غير معوض….)، وسنكون أمام تنويع لأشكال التوظيف وأشكال التمويل التي في قانون الإطار 51.17، في وبالتالي غيات المردودية، في تكوين شعب واع وأجيال مثقفة.
وكما يتأرجح البندول، تتأرجح مشاعر المغاربة التي لم تفتأ عن التوقف بين الحزن الذي خلفه الزلزال، إلى السخرية من مدونة الأسرة، نحو الفرحة بتنظيم المونديال، إلى إهانة المدرس في يومه العالمي، وشلل المدرسة المغربية. وبالرغم من الاضطراب الكبير الذي خلفه هذا النظام الاساسي المثير للجدل، إلا أن وزارة التربية الوطنية مازالت تفضل أسلوبها المعتاد في التجاهل والهروب نحو الأمام، بدل أن فتح نقاشا جديا مع المعنيين بها النظام، وفي حافة أخرى، تجري الاكاديميات سباقا لعقد ندوات لشرح نظام أساسي فرق بين مكونات الأسرة التعليمية، وهو ما يبشر بموسم دراسي ساخن، وبفقاعة توشك أن على الانفجار.