وزارة بن موسى.. قرارات لا تزيد الوضع إلا تأزما
الحكومة بمسها بحرية التعبير والاحتجاج، اختارت العودة إلى اساليب سنوات الرصاص
عبد الإله إصباح
أقدم وزير التربية الوطنية شكيب بنموسى على اتخاد إجراءات زجرية في حق الأستاذات والأساتذة المضربين تميلت في توقيفهم المؤقت عن العمل تحت مجموعو من المبررات من أبرزها التغيب بدون مبرر، وذلك استنادا على فصل من قانون الوظيفة العمومية، علما بأن هؤلاء الأساتذة كانوا في حالة إضراب، وهو ما يجعل قرار المديريات والأكاديميات في حقهم يفتقد للأساس القانوني لأن حق الإضراب مكفول بموجب الدستور الذي ربط ممارسة هذا الحق بصدور قانون تنظيمي، وهو القانون الذي لم يصدر لحد الآن منذ 2011. غير أن عدم صدوره لا يوقف سريان مفعول الحق في ممارسة الإضراب، لأن عدم صدور القانون التنظيمي تقع مسؤوليته على الدولة، ولا يلغي المبدأ الدستوري ولا يسمح لأية جهة أن تمارس منعه، أو تستند إلى فصل قانوني أدنى مرتبة من الدستور. وهذا في الواقع يجعل إجراءات وزارة التربية الوطنية غير شرعية وتعسفية.
وقد أدانت النقابات الموقعة على الاتقاقات الأخيرة مع الوزارة هذه الاجراءات و طالبت بالتراجع عنها لأنها تشكل خرقا سافرا للدستور. نحن إذن أمام أزمة تزداد تعقيدا ولا يبدو أن هناك حل في الأفق. هذا التعقيد في الوضع نشأ كنتيجة للإهمال الذي عرفه قطاع التعليم منذ سنوات، إهمال يترجم نظرة الدولة له كقطاع غير منتج ويشكل عبئا ثقيلا على الميزانية العامة، فأدى ذلك إلى تراكم المشاكل والمعضلات ،والملفات المرتبطة بأوضاع فئات متعدد كان يتم التعامل معها بالترقيع والتسويف، إلى أن انفجر الوضع دفعة واحدة مع صدور النظام الأساسي المشؤوم الذي لمس فيه الجسم التعليمي تراجعات خطيرة عن المكتسبات وسعيا واضحا للمس بكرامة رجال ونساء التعليم، فكان الرد هو اتفاضة حراك غير مسبوق لم تعرف الوزارة ولا الحكومة برمتها كيف تتعامل معه، فظهر ارتباكها وافتقادها للحنكة السياسية في التعاطي مع مشكل بهذا الحجم وملف بهذا التعقيد. وقد أخطأت الوزارة والحكومة منذ البداية في اعتماد منهجية تفتقد للنجاعة. وذلك باستبعاد التنسيقيات والاكتفاء بأربع نقابات وقعت معها اتفاق 14 دجنبر، فردت التنسيقيات بإضرابات ومسيرات حاشدة. فحاولت تدارك الوضع بدعوة النقابة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي التي كانت منخرطة مع التنسيقيات في الحراك، فتم توقيع اتفاق 26 دجنبر الذي نص على نسخ النظام الأساسي بمرسوم كما نص على مجموعة من المكتسبات، غير أن كل ذلك اعتبر غير كاف ولم يؤدي إلى تهدئة الوضع المحتقن، فسعت الحكومة إلى تجريب أسلوب الزجر والقمع عبر التوقيفات. اختارت الحكومة خرق الدستور و المس بحرية التعبير والاحتجاج، اختارت العودة إلى اساليب سنوات الرصاص، وإعادة إنتاج تجربة أضراب سنة 1979 حين أقدمت الدولة على طرد كل من شارك فيه من وظيفته، بل زجت بالعديد من المضرين في السجن. هو التخويف والترهيب إذن بدل ابتكار حلول ناجعة لمعضلة تتحمل الدولة المسؤولية الكاملة عنها، وتقع عليها مسؤولية إيجاد المخارج الضرورية والمجدية
وهنا لابد من التساؤل عن جدوى مؤسسة مثل المجلس الأعلى للتعليم الذي يستنزف ميزانية ضخمة دون جدوى، ودون أي دور في اقتراح الحلول والمخرجات لمثل هذه الأزمة المستعصية وغير المسبوقة التي يعرفها قطاع حساس واستراتيجي