منصف اليازغي: المجلس البلدي هو سبب أزمة شباب الريف الحسيمي
لوسات أنفو :محسن برهمي :
يعد فريق شباب الريف الحسيمي من الفرق التي أعطت الكثير للبطولة المغربية، لكن هذا الفريق بسبب التسيير العشوائي أضحى قريبا من أن يندثر من الوجود في تجربة مماثلة لفريق ملقا الاسباني، زيادة على ذلك يمر الفريق من أزمة مالية خانقة وصلت لحد نوم اللاعبين في حديقة عمومية بعدما تخلى المكتب المديري لشباب الريف الحسيمي عن لاعبي الفريق بعد الهزيمة أمام “أجاكس طنجة”، دون أن ننسى لاعبين آخرين فضلوا ركوب قوارب الموت والهجرة الى الضفة الأخرى أملا في تحسين ظروفه وظروف عائلته المادية وضمان حياة كريمة ، من جهة أخرى يقول المتتبع للشأن الكروي والسياسي أن الوضعية التي آل إليها النادي سببها حراك الريف، حيث كما يعلم الجميع أصبحت الملاعب هي القلب النابض للرسائل والشعارات . الجماهير الريفية رددت وهتفت من المدرجات بالحرية لناصر الزفزافي ومعتقلي حراك الريف، هذا كله وأمور أخرى نناقشها في حوار مع الباحث في السياسات الرياضية ذ.منصف اليازغي.
بعد نزول الشباب الريف الحسيمي رسميا إلى القسم الثاني هواة، من يتحمل المسؤولية في نظرك ؟
كما يعرف الجميع أن عدد الفرق المشاركة في كل قسم هو ستة عشر فريقا ، اذن فمن البديهي أن نرى فرقا عريقة كاتحاد سيدي قاسم ، الكوكب المراكشي،المغرب الفاسي ، التي توجت بألقاب محلية وقارية في القسم الثاني أو أقسام الهواة. لا نجعل من نزول شباب الريف الحسيمي أزمة. لكن إذا سئلتني عن الأسباب فهي عديدة ؛ هناك مجالس بلدية تريد لفت اهتمام المغاربة إلى نفوذها عبر تطوير كرة القدم أو بعض الرياضات الأخرى ، ماينتج عنه حماس ودعم كبير للفريق الممثل لهذه المدينة كقصبة تادلة وسريع واد زم على سبيل المثال الذي بدوره كان متدبدا بين صعود ونزول بين الأقسام، فكما ذكرت سابقا الأمر مرتبط بمن له مسؤولية التسيير المحلي. أما عن الفريق الحسيمي فقد جاء في سياق خاص وهو الإصلاحات التي شهدتها المدينة على مستوى البنية التحتية ، وكذلك الرغبة في حضور فريق يمثل المنطقة ويحمل المشعل الأمر الذي تحقق ولعب بالقسم الوطني الأول وكان قريبا من المشاركة في المسابقات الأفريقية ، خصوصا بعدما توارت فرق الناظور التي كانت متواجدة بالقسم الأول. من يتحمل المسؤولية في هذه الوضعية هو المجلس البلدي الذي دخل في صراع مع المكاتب المسيرة لأسباب سياسية ، وتجدر الإشارة ان الصعود لم يكن من الأهداف المسطرة بل هو اجتهاد ، اذن فالفريق كان بدون استراتيجية ، أتذكر أن الفريق في أحد المواسم كان يتوفر على لاعب واحد من المنطقة وأن كل اللاعبين والطاقم التقني تم انتدابهم من مدن أخرى ، على الأقل ان تكون هوية للفريق رغم نزوله للقسم الثاني ، حيث توجد فرق مكانها القسم الأول والتكوين وأخرى خلق حركة اقتصادية للمدينة.
هل يتحمل اللاعبون جزءا من المسؤولية في هذا النزول ؟
لا يمكن الجزم، ففي الأخير اللاعبون هم اختيارات المكتب المسير أو المدرب ، المشكلة تكمن في تراجع الميزانية والدعم المقدم من طرف المجالس البلدية كل هذا يؤثر بشكل سلبي على اللاعبين الذين يضربون في الأول ثم الرغبة في الخروج من النادي . ففي الأخير اللاعب ليس هو المسؤول بل المدبرون لهذا الفريق.
الخلل التسييري للفريق هل نعتبره تصفية حسابات بين المسؤولين الجدد والقدامى؟
ليست لدي معلومات في هذا الأمر ، لكن في ظل غياب معطيات واقعية حتى لا نكون ضحية ما يكتب وما ينشر في مواقع التواصل الإجتماعي، فهذا الصراع لا يمكن الإقرار به في الوقت الحالي ، وبالرجوع إلى الثقافة المغربية لاحظنا هذا كثيرا في الفرق البيضاوية أن من غادر الفريق يقوم بالتشويش على المكتب الموالي ،ويكون ضد جميع المحاولات التي من شأنها إصلاح الفريق ليبرهن للجمهور أن جميع المكاتب التي ستأتي هي مكاتب فاشلة ،هذا الأمر وارد جدا.
بعد الإعلان عن تورط 22 شخصا في اختلالات خطيرة في تسيير نادي شباب الريف الحسيمي منذ 2014 ، هل تظن أن هناك نية مسبقة لإقبار النادي ؟
الحديث عن هذه الاختلالات يستدعي المحاسبة ومعاقبة المتورطين ، وإذا كان في الجانب المالي فالأمر يتطلب قضاء ومحاسبة ، وإن كان هناك سوء تدبير فأنا شخصيا أرى أنه يجب المعاقبة لعدم السقوط في ثقافة من فشل في التدبير فهو معفي من المحاسبة .
عدم اقحام السياسة في الرياضة مبدأ يتحكم فيه في كل مناسبة؟
السياسة دائما حاضرة في الرياضة ، الدعم المقدم من المجلس البلدي هو مكون من أحزاب سياسية ، الأمر الذي يعتبره البعض تداخلا بين السياسة والرياضة، وهذه فكرة خاطئة فهذه واحدة من مهام المجلس. الإشكال هو أن يكون هذا الدعم المقدم رهين بحسابات سياسية.
ما وصله الفريق الآن، هل هو عقاب من الدولة بسبب حراك الريف , ما رأيك؟
لا يمكن القول أن هذه الوضعية التي وصلها الفريق هو عقاب من الدولة، صعب أن ندخل في هذا النقاش، لا يقبل حتى أن يطرح للنقاش. لو أرادت الدولة أن تعاقب محبي هذا الفريق فسيتم ذلك مثلا اقتصاديا ، بنيويا: على المستوى الخدماتي والسياسي ، لكن على المستوى الرياضي هذا أمر مبالغ فيه جدا ، والممارسة في المغرب لا تخضع لهذا المبدأ في الوقت الحالي ، قد يكون في أوقات سابقة (فترة السبعينيات – والثمانينيات) في ظل سياقات معينة.
في ظل هذه الأوضاع المادية التي يمر منها الفريق لماذا لا نرى تدخل الجامعة بالمساهمة المادية كما هو الأمر للفرق الكبرى ؟
لا يمكن للجامعة أن تتدخل في تقديم مساعدات لجميع الفرق لأنها ستقوم بدعم أزيد من 140 فريق بشكل كامل لأن جل الفرق تعاني ، هناك منح تقدم سنويا، سواء أداء مصاريف الحكام ، التأمين … أن نقارن بينها وبين فرق البيضاء التي لها رهانات كبرى كالمسابقات الأفريقية . زيادة على هذا فهي تتوفر على مداخيل كبرى -مداخيل المباريات- ، قد تقدم لها الجامعية تسبيقا ماليا على أساس ارجاعها عبر الأقسام التي تقدمها كدعم . مؤخرا تم دعم الرجاء لبناء أكاديميته وهذا أمرعادي لأنه يتعلق باستراتيجية الجامعة ، أزمة الفريق الحسيمي لا علاقة له بالجامعة، لكن له علاقة بالمجلس البلدي الذي يجب عليه إعادة بناء البيت الداخلي للفريق ، ولا أعتقد أن الفريق يحتاج مصاريف كبيرة في الهواة سيعجز المجلس عن تحملها .
فتح باب الانخراط مجانا والاعلان للعموم قصد عقد جمع عام في أقرب الآجال لانتخاب رئيس جديد. هل هي نقطة العودة وعودة الفريق لمكانته ؟
المجانية أو المقابل في الإنخراط ليس شرطا ، الأمر له علاقة بالثقة في الراغبين في الإنخراط لأن الفريق يدخل مرحلة جديدة. الجمع العام هو البداية ، ثم بعد ذلك إعطاء إشارة بإيجابية الأجواء بإمكانها أن تدفع الجميع للانخراط وتولي المسؤولية.
كل سنة، يفقد القسم الوطني الأول أحد الفرق المرجعية من جهة ، وصعود فريق آخر ليس لديه قاعدة جماهيرية من جهة أخرى. هل هي استراتيجية جديدة لتغيير الحركية في المغرب ومحاربة الشغب الكروي بطريقة غير مباشرة؟
هذا أمر عادي جدا لأنه هناك تطور يقع على مستوى الساحة الكروية ، أما الشغب الكروي فهو محصور بشكل كبير في خمسة فرق ضمن القسم الأول، هذا الأمر غير صحيح ، كل ما في الأمر أن هناك رغبة وطموح في الفرق الصغرى من أجل بروزها من خلال وجود بعض الأشخاص لهم دعم مالي ، كبلقشور في نهضة الزمامرة ، واد زم ، الشباب السالمي . في حين الفرق الأخرى لديها اشكال في التسيير بدليل أن النادي المكناسي الذي كان يعاني من أزمة التسيير ، عاش صراعات داخلية قبل أن يصعد للقسم الثاني ، الأمر لا يتعلق بأي استراتيجية، الدولة.لديها هموم اخرى أكثر من أن تتحكم في خارطة كرة القدم . دعني أقل لك وجود شباب المسيرة ممثلا للأقاليم الصحراوية من أجل إظهار التوازن الرياضي بين الشمال والجنوب ، لكن هذه الفرضية سرعان ما اختفت. الأن الحركة عادية جدا والقدر ينتصر لمن يبذل مجهودا ويرغب في لعب أدوار طلائعية في البطولة .
هل آن الأوان لدخول الاستثمار -الخليجي- للكرة المغربية خصوصا بعد نجاح التجربة في أوربا (فريق نيوكاسل الإنجليزي) كمثال ؟
لا يمكن القول أن الوقت قد حان. فنحن بحاجة إلى استثمار منذ زمان ، فالمستثمر الخليجي مرحب به في أي وقت وفق شروط معينة تحفظ للفريق هويته ، فالأمر ليس سهلا كما هو الحال في إنجلترا تسليم فريق بأكمله وتمر مرور الكرام ، في المغرب ثقافة أخرى صعب أن نتخيل نفس سيناريوهات فرق أوروبا، عموما يجب أن نبحث عن استثمار داخلي ، ثم بعد ذلك نبحث عن استثمار خارجي وفق دفتر تحملات واضح.