فيلم IN TIME: استمرار تزايد الأسعار يضمن استمرار موت الناس
لوسات أنفو: محسن برهمي
علمتنا جائحة كورونا أن نقاتل من أجل حياتنا، والاهتمام بأدق التفاصيل حتى لا نؤدي من حولنا، وبفضل هذا الفيلم “IN TIME”كتابة وإخراج وإنتاج ، ستقدر كل ثانية من حياتك وستندم أشد الندم على تلك الثواني، الدقائق أو الساعات التي كنت فيها نائما.
أصدر الفيلم بتاريخ 28 أكتوبر 2011، وتدور أحداث الفيلم في مجتمعٍ يتوقف فيه عمر الشخص عند الخامسة والعشرين. وبدلًا من استخدام النقود، يفرض نظام اقتصادي جديد على الناس استخدام الوقت كعملة للبيع والشراء، وتوجد على ذراع كل شخص ساعةٌ تعد الوقت المتبقي لكل شخص، الفيلم أعمق من أن يحكي لنا قصة مليئة بالخيال، بل يطرح لنا أهمية الوقت وصراع الاشتراكية والرأسمالية، إضافة الى فساد القضاء وأجهزته المفترض أن يحمي الضعفاء من الأقوياء.
لا تضيع وقتي:
حوار مؤثر ذلك الذي جمع هنري هاملتون “مات بومر” البالغ من العمر 105 سنة الذي ينتمي الى مدينة الأغنياء حيث لا أحد ينظر الى ذراعه لرؤية كم من الوقت تبقى لديه، أو مسرعا لأكل وجبة إفطار، وويل سالاس “جاستن تامبرليك” ذو 28 سنة والمنتمي الى عالم الفقراء ذو الإيقاع السريع والمليء بالجرائم من أجل البقاء على قيد الحياة ففي عالمه القوي يأكل الضعيف، متنقلين بين معاني الحياة والنظام الرأسمالي الذي همه جمع الثروة ولو على حياة الفقراء “كيف يعيش أناس ملايين السنين بينما الأغلبية يعيش يوما بيوم” يقول هنري. بعد كل هذا يقرر هنري مكافئة ولاس بعد إنقاذه لحياته بإعطائه قرنا من الزمن ويقرر الموت، تاركا نصيحة له كاتبا على نافدة تابعت انتحار هنري في مشهد سوريالي ” لا تضيع وقتي”. المطاردة والحوار تم استعمالهما من أجل فكرة واحدة عنوانها “لا مهرب من الموت” سواء عشت قرنا من الزمن أو سنة، فالأمر لا يهم طالما أنك عشت واستمتعت بكل دقيقة من حياتك، وعلى البورجوازي أن يفكر في غيره من الطبقة الفقيرة، بحيث كما تذوق الحياة وتلذذها، يجب أن يفسح المجال لمن هو أقل منه حتى يستكشف جماليتها بعدما تجرع مرارتها،
الاشتراكية هي الحل:
ما معنى السعادة ان لم نكن نشارك اللحظات السيئة والجميلة مع أقرب أصدقائنا و أحبائنا، لم يكن يعرف سالاس أن هدية هنري ستقلب حياته رأسا على عقب، بعدما أصبح يملك قرنا من الحياة فباستطاعته الان التنقل من الحي الحقير الذي يسكنه الى مدينة “كرينتش” لعيش حياة الرفاهية مع أمه، لكن ما لم يكن في الحسبان أن جملة قالها هنري أثناء حوارهم هي التي ستكون السبب في وفاة امه، بعد زيادة ثمن سعر الحافلة من ساعة الى ساعتين “إن استمرار تزايد الأسعار يضمن استمرار موت الأناس”، ويتسبب في وفاة اقرب الأصدقاء له بعد اهدائه لعشر سنوات في رسالة واضحة أن أفعالنا ونحن نعرف سلفا كم سنعيش، ليست هي نفسها ونحن نجهل موعد رحيلنا الى العدم. يقرر سالاس الذهاب الى مدينة الأثرياء ليعيش حياة كريمة، ليكتشف أن هؤلاء هم سبب كل الشرور حيث يقومون بجمع ثرواتهم في عالم الفقراء سواء في المعامل مقابل بضع سويعات من الحياة، جثث في المدخل أو الأزقة أمر لا يهم بالنسبة للأرباب المعامل، فالعامل مصيره مصير الحصان في رواية مزرعة الحيوانات لجورج أورويل كلما أصيب الحصان لا تبحث عن حل لعلاجه، قم فقط باستبداله، أو قروض بنكية مقابل فائدة لا يتقبلها العقل، يقول برتولت بريشت “سرقة مصرف جريمة لكن تأسيسه جريمة أشنع”، لمحو الفوارق يقرر سالاس رفقة حبيبته البورجوازية سيلفيا ” أماندا سايفريد” التي ستعرف معنى الاشتراكية الا بعد تمردها على أبيها وتشارك مع حب حياتها دقائق وثوان للبقاء على قيد الحياة ” الفقراء يموتون والأغنياء لا يستمتعون بحياتهم، إذ يسعنا الحياة للأبد طالما لا نرتكب حمقا” والحمق هنا هو السعي وراء فكرة افساد النظام ومسح الطبقية من خلال السرقة من الأغنياء والتبرع للفقراء غير مبالين بالموت كما يقول غسان كنفاني “تسقط الأجساد لا الفكرة” لجعل العالم واحدا لا فرق بين غني و فقير. “إن تراكم الثروة في قطب واحد من المجتمع هو في نفس الوقت تراكم الفقر والبؤس في القطب الآخر” يقول كارل ماركس.
الكل متواطئ:
كم هو الأمر صعب عندما تتصارع مع ثلاث جهات فاسدة وقوى تظن أنها تخدمك، لكن في الحقيقة هي السبب في البؤس وعذاب مواطني العالم الثالث، اذ ليس من حق أي فقير أو من الفئة المتوسطة وصول مستوى البورجوازية والعيش حياة الرفاهية ، كم يصعب تقبل تغاضي السلطة والقضاء عن جرائم الأثرياء وغض البصر رغم كل التجاوزات ، بل الأكثر من هذا هو السماح لهؤلاء بالمضي قدما، وتولي مناصب عليا بدل محاكمتهم أم سجنهم، لكن بمجرد أن يقبل أحد الفقراء على تغيير حياته ما إن تسلط عليه أضواء الاستخبارات، و أصحاب التدقيق المالي،كلهم يسألون سؤالا واحدا من أين لك هذا ؟ يا للعبث عن أي عدالة نتحدث، ” إنني شرطي، ولا أعبئ نفسي بالعدالة” يجيب ريموند ليون ” كيليان مورفي” عندما طالبه ليون بفتح تحقيق مع الفئة البورجوازية. أمر اخر سلط عليه الفيلم الأضواء وهي الفئة الفقيرة التي تسرق نفس طبقتها حيث ان النظام متواطئ معهم ويسمح بهذه الجرائم والسرقات طالما أن الأمر لم يلحق أي ضرر بالنظام البورجوازي.
يقول محمود درويش:
كيف تضحك وأنت على حافة الموت؟ فقال: لأني أحب الحياة أريد أن أودعها ضاحكاً.