عبد الكريم أوشاشا يكتب عن: أكدال سالومي العاهرة
عبد الكريم أوشاشا/كاتب ومترجم
كنسر جنوبي جريح، نزلت فوق سطح إحدى العمارات ب”أكدال”.
أنزل إلى “أكدال” ولا أختلط بالأكداليين، أتفرج فقط، وهم يتبادلون الحديث باستعراض فرنسية متكلفة. يأتون بكلاب صغيرة جدا وغريبة، لا أعرف من أي مختبر استولدوها؛ لا يطلقونها أمامهم إلا لكي ينهرونها بالفرنسية أمامنا بصوت عال! يصرون على أن يرتدوا جلدة فرنسية نقية، فروة باريسية لسنجاب إفريقي.
ماذا يخفون هؤلاء البابليون الجدد وقد تبلبل لسانهم.
سدوميون يقدمون مؤخرة المعمدان لا رأسه إلى كبش فحل على قرنه برميل نفط.
“أكدال” سالومي العاهرة وأنا يهوذا الأسخريوطي، أقف على الجمر، أنتظر من خيانتي أن تشتعل لأنصب لنفسي محرقة تليق بي…
على الرصيف التقيت بها، وفي غرفتي الأكدالية السطوحية، فوق العمارة، تدفن رأسها في صدري العاري وفي أحضان بعضنا بكينا بدون دموع، حكت لي عن دراستها العليا في الأدب المقارن وعن جسدها المدفون تحت تلال العرق، وعن شقق القوادة المزروعة في أكدال.. وعن صديقها المليونير الملقب ب “الخروف” متزوج وله ضيعة يزهى فيها وأصدقاؤه، لا يشرب إلا وهو منبطح على بطنه، عندما يسكر يبكي ويندب ويصيح بأن أمه قد توفيت، يحاول الأصدقاء أن يفهمونه أن أمه حية تدب على الأرض لكنه يصر على أنها ماتت هذه اللحظة بسكتة قلبية.. أهمس لها ضاحكا بأن هذا الخروف يريد قنص أمه وليس أباه..
تحكي، تذهب بنا القوادات أو القوادون إلى أكباش بينهم وبين الفحولة غير الخير والإحسان، يستعجلون عريهم ودمع الرغبة يظفر منهم.. يهرولون نحو محارقهم، وفي الأخير لا نجد غير العنة واللعاب واللهاث، أكباش مخصية بل عنزات بقرون كبشية…
نندس معا في الفراش، نقرأ بصوت عال وبتناوب مسرحي المونولوجات المرعبة والرائعة في “الليالي البيضاء” تم مجموعة خطابات: هنريك فون كلايست”. بعدها نستعيد معا تفاصيل وأجواء الانتحار المزدوج؛ انتحار “كلايست” مع صديقته “هنريت فوجل” على شاطئ نهر “وانسى” وتقارنه بالليلة الأخيرة «لفرتر”.
تعانقني وبصوت دامع:
بعد أن بعث «فرتر” خادمه إلى “ألبير” زوج متيمته “شارلوت” كي يستعير منه مسدساته، وكفولاذ ينغرز في أحشائها، مسحت “شارلوت” المسدسات وقدمتها للخادم. ربما هجست بالمأساة في داخلها.. إن “فرتر” انتحر بسلاح مسحته الحبيبة وذلك هو عزاؤه الأخير، كم قبل المسدسات وتبرك بها مرات ومرات قبل أن يفجّر بها دماغه..
لا بد أن “شارلوت” لن تتحمل الحياة بعد انتحار “فرتر”، تموت لكن روحها التائهة ستهيم قرونا حتى تدخل إلى جسدي، أحس أنني “شارلوت” !!
بعد سنوات، سنوات من الزلازل والبراكين اجترحتها مباءة هذا العالم، التقينا: زوجة مطيعة بأطفال مهذبين وزوج صالح، استقالت من وظيفتها أستاذة في الثقافات والأديان، كشرط من الشروط للدخول في قفص الزوجية.
عبد الكريم أوشاشا