عبده نصر :التصوير أحسن ما في الفيلم المصري
هذا دفاع حار عن التصوير السينمائي، المحامي فيه عبده نصر، والحكم فيه متروك للعاملين في صناعتنا الثانية
لو سات أنفو محسن برهمي:
نقترح على قراء لوسات أنفو هذه المادة المهمة لمدير التصوير عبده نصر لما لها من أهمية، حيث حاورته مجلة الكواكب سنة 1956 حول مشاكل والعيوب التي تشكل عائقا لتطور السينما المصرية، ولعل أبرزها هو مشكل التخصص، و عدم الإعتماد على الممثلين الشباب، ونطرا لأهميتها نستعيدها اليوم لتطوير السينما العربية، والإستفادة من أخطاء الماضي، ويعتبر “نصر” أشهر مديري التصوير في تاريخ السينما المصرية، فقد شارك في تصوير العديد من الأفلام، وانتاجها أيضا،هذا و ساهم في اكتشاف العديد من نجوم السينما الحاليين، أبرزهم الفنانة يسرا.
إن الفضل كله في النجاح ينسب دائما إلى المخرج، إن النقاد في مصر لا يقيمون وزنا لناحية التصوير في الفيلم، وأؤكد لك أن التصوير أحسن ما في الفيلم المصري…
إذا كان التصوير أحسن ما في الفيلم المصري، فكيف نقارن أفلامنا بالأفلام الأمريكية، كيف تقول إننا نستطيع أن نقف على أقدامنا أمام هذا المنافس الذي يستعمل أسلحة خطيرة، من ألوان السينما سكوب؟
إننا سنقف على أقدامنا حتما، إننا نندفع مع التطور رغم أنوفنا، وإذا استطاعت الدولة ان تفتح للفيلم المصري أسواقا جديدة فإننا نستطيع أن ننفق عليه الكثير لنخرجه بالصورة التي تنافس الفيلم الأمريكي. فإن فتح الأسواق الجديدة هو الذي يضمن للفيلم دخلا كبيرا، وبذلك يزداد رأس المال المستغل في السينما، ونستطيع برأس المال الكبير أن نحقق التقدم الذي نريده.
في إيطاليا تفعل الحكومة ما يضمن للفيلم الإيطالي الرواج؛ إنها لا تدخل فيلما أجنبيا إلا مقابل فيلم إيطالي تصدره للدولة التي صدرت اليها فيلما… أحب أن أقول لك أن صناعة السينما في مصر، قامت على أكتاف عدد من الرجال المجازفين، وكنا في أول الأمر نستطيع أن نحصل على ربح، لأننا لم نكن ندفع الضرائب الباهظة؛ فإذا اضفت إلى هذا أن مزاج جمهورنا قد “تأمرك” {بمعنى الإقبال على كل ما هو أمريكي}، ويريد ان يتذوق في أفلامنا هذا الاتجاه، إضافة إلى “التأمرك” والضريبة عرفت لماذا نحن في أزمة.
قد سمعت كثيرا بأن الدولة ستنهض بالسينما، وكل الذي سمعته حتى اليوم أفكار واقتراحات ومناقشات، فإذا صار الحبر مباني ورؤوس أموال وبعثات، وهو أملنا جميعا ارتقت بنا السينما وارتقينا بها.
تحدث عبده نصر عن مشكلة الوجوه الجديدة قائلا:
انني أفخر انني قدمت مريم فخر الدين، جمال فارس، فاروق عجرمة، علي منصور، وعشرة وجوه جديدة، شاهدها الجمهور في فيلم وعد، انني أعتز بمريم فخر الدين فقد كان هناك اجماع من العاملين معي في الفيلم على أنها لن تستطيع القيام بالدور، ولكنني اصررت على أنها تستطيع وكانت عند حسن الظن بها، وشقت بعد ذلك طريقها في نجاح وثقة… إن بعض الوجوه التي أظهرتها لم تصادف نجاحا لأن المخرجين عندنا لا يهتمون برؤية الوجوه الجديدة لإختيار الصالح منها، أنهم يقولون في أنفسهم هذا الوجه الذي قدمه عبده نصر، اذن فلنتركه لعبده نصر. هذا النظام نظام احتكار الوجوه الجديدة مطبق في أمريكا على أسس سليمة، وامكانيات عظيمة، أما في مصر فهو مطبق قسرا، لا اجباريا لأننا لا نحب التعاون.
هل هناك شيء آخر يعيب السينما المصرية؟
سأورد ما قاله غيري، القصة عندنا ضعيفة، والسينما عندنا تقوم على الحوار لا الحركة، على العبارة لا الحادثة، ولهذا فإن من الصعب على الأجانب الذين لا يعرفون لغتنا أن يفهموها… ولقد كانت الأفلام الفرنسية على هذه الشاكلة، ولكن الفرنسيين أدركوا عيبهم، فاتجهوا إلى أفلام الحركة.
لقد انتجت عددا كبيرا من الأفلام، فهل تعتقد أن الجمع بين الإنتاج وأي عمل فني آخر في الفيلم شيء موفق؟
دلتني التجربة على أن التخصص أحسن الأمور في ميدان السينما، وليتني ظللت مصورا فقط، إذن لكانت عندنا ثروة هائلة وهي الثروة التي التهمتها خسائر الإنتاج.
وما أحسن فيلم صورته؟
لا أستطيع أن أقول أحسن فيلم صورته قد صورته فعلا، انني اطمح لمزيد من الإتقان من فيلم لآخر، لهذا أعتبر أحسن فيلم صورته هو الفيلم المقبل، دائما الفيلم المقبل.
وما أحسن فيلم صورته في الماضي؟
ضحك عبده نصر، ثم قال: هذا سؤال آخر… أحسن فيلم صورته في الماضي هو فيلم ” ليلى”.
المصدر: مجلة الكواكب عدد 258 سنة 1956