دلالات الانقلاب العسكري في الغابون
لوسات أنفو: خديجة بنيس
يعد انقلاب العسكري في 30 غشت الجاري في الغابون الثاني من نوعه ضد الرئيس المخلوع “بونغو” خلال السنوات الأخيرة؛ بعد الإنقلاب العسكري الفاشل في يناير 2019.
وارتبط الإنقلاب الأخير بشكل مباشر؛ حسب تقرير مركز إنترريجونال للتحليلات الإستراتيجية، بتنامى سخط المعارضة على النظام الحاكم في الغابون بعد التعديل الدستوري بتأييد (85%) من الأصوات، في أبريل الماضي والذي يقضي بتخصيص جولة واحدة للانتخابات بدلا من جولتين؛ الأمر الذي استنكرته المعارضة مؤكدة أن هذا التعديل يهدف في الأساس إلى تسهيل إعادة انتخاب الرئيس الحالي “علي بونغو”.
وعلى الرغم من إقرار التعديل بتخفيض عدد سنوات الولاية الرئاسية من (7) سنوات إلى (5) سنوات، في محاولة الرئيس الغابوني احتواء المعارضة السياسية. إلا أن الأمور لم تسر كما خطط لها “بونغو”، خاصة بعد تعزيز شكوك المعارضة حول رغبة الرئيس المخلوع بولاية ثالثة، ضاربا في عرض الحائط الأعراف الديمقراطية المصاحبة عادة للإنتخابات النزيهة؛ وهو مابدا واضحا عندما غاب المراقبون الدوليون لمتابعة الانتخابات التي أجريت في أواخر غشت الجاري، وتم تعليق بث بعض وسائل الإعلام الأجنبية داخل الدولة، بالإضافة إلى صدور قرار من السلطات بقطع خدمة الإنترنت وفرض حظر ليلي للتجوال في جميع أنحاء البلاد.
ويفيد التقرير أنه من الوارد أن يعكس الانقلاب العسكري في الجابون نمطاً من الصراعات الحادة داخل عائلة “بونغو”؛ نظرا لكون قائد الانقلاب ” نغويما” تربطه صلة قرابة بالرئيس المعزول؛ فهو ابن عم “علي بونغو”.
ويعتبر العقيد “نغويما” واحداً من أكثر الشخصيات نفوذاً في الجيش الغابوني؛ فهو رئيس لأقوى تشكيلة أمنية في البلاد، وبالتالي على مايبدو أن قائد الإنقلاب العسكري راهن على نفوذه العسكري في حركة الإنقلاب هذه.
هذا يمكن اعتبار تراجع ترتيب الغابون في المؤشرات السياسية الدولية،فضلااستشراء الفساد وإساءة استخدام موارد الدولة؛ نقطة لايمكن اغفالها في تفسير الوضع الحالي في البلاد؛ فوفقا لمؤشر الديمقراطية الصادر عن مجموعة “إيكونوميست” في عام 2022؛ حيث جاءت في الترتيب الـ(118) عالمياً من إجمالي (167.
هذا و جاءت الدولة في الترتيب الـ(136) عالمياً من إجمالي (180) وفقالمؤشر مدركات الفساد العالمي الصادر عن منظمة الشفافية الدولية في عام 2022؛ حيث حصلت على (29) نقطة من إجمالي (100) على المؤشر.
ولفت المركز أن الغابون تعد رابع أكبر منتجي النفط في أفريقيا جنوب الصحراء، إلاأن ثلث سكانها يعيشون تحت خط الفقر؛ وهو عامل ينضاف إلى حزمة العوامل والدلالات المؤشرة المرتبطة بحدوث الإنقلاب؛ حيث أن تدهور الأوضاع الإقتصادية في الدولة. راجع بالأساس إلى فشل هذه الأخيرة في ترجمة ثرواتها ومواردها إلى نمو مستدام وشامل؛ بسبب عدم تنويع مصادر الإيرادات، وبسبب الاعتماد بشكل كبير على صناعة الوقود الأحفوري.