اقتصاد و مال

حرب الرقائق تدفع الصين إلى فرض قيود على تصدير معادن نادرة

 لوسات أنفو

أعلنت الحكومة الصينية في الثالث من يوليو 2023 فرض قيود على صادرات معدنَي الغاليوم والجرمانيوم، وهما مادتان أساسيتان تستخدمان في صناعة الرقائق والصناعات المتقدمة.

 و ذكر مركز أنترجونال للتحليلات الاستراتيجية أنه وفقاً للقرار الصيني دخلت الضوابط الجديدة حيز التنفيذ اعتباراً من 1 غشت 2023، على ثمانية منتجات ذات صلة بالغاليوم. وستطبق الضوابط أيضاً على ستة منتجات أخرى من الجرمانيوم وتتضمن ثاني أكسيد الجرمانيوم، وركيزة النمو فوق الجرمانيوم، وسبائك الجرمانيوم، ومعدن الجرمانيوم، ورابع كلوريد الجرمانيوم، فضلاً عن فوسفيد الجرمانيوم والزنك، بالإضافة إلى أكثر من 36 نوعاً من المعادن ذات الصلة.

وطبقاً للقرار  ـ يفيد مركز أنترجونال ـ ستخضع بعض طلبات التصدير المستقبلية للمراجعة الحكومية؛ حيث سيتطلب الأمر من شركات التصدير تقديم طلب للحصول على تراخيص من وزارة التجارة الصينية لبدء أو مواصلة تصدير شحناتها، فضلاً عن الإبلاغ عن تفاصيل تتعلق بالمشترين الأجانب وطلباتهم. وتعد هذه الإجراءات متوافقة مع الممارسات الدولية ولا تستهدف دولة معينة.

و يعد عنصرا الغاليوم والجرمانيوم من المعادن الثانوية، التي لا توجد عادة بمفردها في الطبيعة، ويحملان اللون الأبيض الفضي من حيث المظهر الخارجي، ويتم إنتاجهما بتركيزات محدودة باعتبارهما منتجين ثانويين من مصافي التكرير التي تركز على المواد الخام الأخرى الأكثر انتشاراً مثل الزنك أو الألومينا. ويحظى المعدنان بأهمية اقتصادية كبيرة؛ حيث يتم استخدامهما في صناعة الرقائق ومعدات الاتصالات والدفاع، فيدخل الغاليوم في تصنيع الدوائر الكهربية لأشباه الموصلات المركبة، التي تضم عناصر متعددة لتحسين سرعة النقل وكفاءته، وفي صناعة الإلكترونيات والهواتف المحمولة والألواح الشمسية والرادارات. وتشمل استخدامات الجرمانيوم مجالات اتصالات الألياف الضوئية ونظارات الرؤية الليلية واستكشاف الفضاء، ويستعمل في الأدوات البصرية وعدسات المجاهر والكاميرات.

و حسب مركز أنترجونال ، يعتمد الجيش الأمريكي على نيتريد الغاليوم؛ لخصائصه المتعلقة بنقل الطاقة بكفاءة في أكثر الرادارات المتقدمة قيد التطوير، كما يُستخدم أيضاً في نظام الدفاع الصاروخي “باتريوت” الذي تصنعه شركة “RTX”، المعروفة سابقاً بـRaytheon Technologies. وبلغت مبيعات الرقائق التي تستخدم “نيتريد الغاليوم” نحو 2.47 مليار دولار في عام 2022، ومن المتوقع أن ترتفع إلى 19.3 مليار دولار بحلول عام 2030، كما من المرجح أن تنمو مبيعات الرقائق المنتجة باستخدام “زرنيخيد الغاليوم” من 1.4 مليار دولار في 2022 إلى 3.4 مليار دولار في 2030.

و استنادا لمركز أنترجونال تعد الصين منتجاً رئيسياً لعشرين مادة خاماً أساسية من معادن الأرض النادرة بالإضافة إلى معدنَي الغاليوم والجرمانيوم، وتُعد الصين أكبر مصدر لكلا المعدنين؛ إذ تشكل 94% من إمدادات الغاليوم و83% من الجرمانيوم؛ فعلى الرغم من عدم ندرتهما، فإن تكاليف معالجتهما تعد مرتفعة، كما أن الصين صدرتهما بثمن زهيد نسبياً لفترة طويلة؛ ما أدى إلى وجود مرافق قليلة لإنتاجها في مواقع أخرى؛ فبخلاف الصين، توجد دول أخرى تتمتع بقدرة إنتاجية للغاليوم من بينها روسيا وأوكرانيا، وأستراليا وفرانسا وألمانيا؛ فقد بلغ حجم إنتاج الصين من الغاليوم العالمي خلال عام 2022 نحو 450 ألف طن، مقارنة بإنتاج روسيا لنحو 5 آلاف طن واليابان وكوريا الجنوبية لنحو 3 آلاف طن وألفي طن خلال العام ذاته.

و يقول مركز أنترجونال أن تفاقم التنافس بين الصين والولايات المتحدة  أدى إلى فرض قيود على الصادرات من أشباه الموصلات بهدف إبطاء وتيرة صناعات التكنولوجيا المتقدمة في الدولة الأخرى؛ حيث يتخذ كل طرف إجراءات حمائية ضد الآخر، وهو ما يعرف بـ”حرب الرقائق”، بحسب تقرير لموقع الشرق منشور في 5 يوليو الجاري؛ وذلك هو ما دفع الصين إلى فرض قيود على صادراتها من معدنَي الغاليوم والجرمانيوم، باعتبار ذلك رد فعل لدراسة واشنطن فرض قيود جديدة على تصدير الرقائق الدقيقة المتقدمة تقنياً إلى الصين، بعد فرضها سلسلة من القيود في السنوات القليلة الماضية؛ حيث أوقفت الولايات المتحدة في أكتوبر 2022 صادرات المعدات المستخدمة في إنتاج بعض أشباه الموصلات الأكثر تقدماً إلى الصين، واعتمدت على موردين من كوريا الجنوبية وهولندا لوقف صادراتهما أيضاً، وقد انضمت إليها اليابان في أبريل 2023، لتشمل الشركات الواقعة في الدولتين الحليفتين، مثل “إيه إس إم إل” و “نيكون كورب” و”طوكيو إلكترون”، لتصبح بذلك جميع الدول الكبرى المنتجة لمعدات تصنيع الرقائق مشاركة في الحصار المفروض على الصين. وتمثل رد فعل الصين في حظر استخدام منتجات شركة Micron، وهي أكبر منتج لرقائق الذاكرة في الولايات المتحدة، في شركات البنية التحتية المعلوماتية المهمة في الصين؛ حيث تستثمر الشركة نحو 600 مليون دولار في مصنعها بالصين.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى