توتر العلاقات بين إسرائيل والأمم المتحدة ليس وليد اللحظة
لوسات أنفو : خديجة بنيس
أشار موقع DW الألماني أن توتر العلاقة بين الأمم المتحدة وإسرائيل لم تكن وليدة الأحداث الراهنة في غزة بل إنها كانت تتسم بالتعقيد منذ فترة طويلة، وجاءت انتقادات الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الأخيرة لإسرائيل لتصب الزيت على نار العلاقة المتوترة مع إسرائيل.
أثارت التصريحات الأخيرة للأمين العام للأمم التي أدان فيها هجوم حماس قائلا انه لم يأتي من فراغ وقال أيضا أن إسرائيل غرتكبت “انتهاكات ضد القانون الإنساني الدولي في غزة”، أثارت حفيظة إسرائيل التي لم تتأخر كثيرا في الإعراب عن غضبها وطالبت غوتيريش أن يستقيل من قيادة الأمم المتحدة لأنه غير مؤهل لشغل داك المنصب على حد تعبير سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، جلعاد إردان.
وأضافDW أن الحرب على غزة أظهرت الصدع العميق، الذي يقسم الأمم المتحدة نفسها إلى معسكرين؛ حيث تم طرح مشروعي قرارين للمناقشة يوم الأربعاء 23 أكتوبر 2023 في مجلس الأمن، ويهدف مشروعا القرارين في الواقع إلى ضرورة توقف القتال حتى يمكن إيصال المساعدات إلى قطاع غزة المعزول.
المسودة الأولى، التي قدمتها الولايات المتحدة، دعت فقط إلى وقف قصير لإطلاق النار، والاعتراف بحق إسرائيل في الدفاع عن النفس، ووضع حد لتسليح الجماعات المسلحة في غزة مثل حماس. وقد فشل مشروع القرار بسبب حق النقض الذي استخدمته الصين وروسيا.
وفي مسودتهما، دعا البلدان بدلاً من ذلك إلى وقف إطلاق النار وسحب دعوة إسرائيل للمدنيين إلى إخلاء شمال غزة والتوجه إلى جنوب القطاع في ضوء الهجوم البري الوشيك. ومشروع القرار الصيني-الروسي بدوره سقط بفيتو الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى. ويسود الشك فيما إذا كان سيتم التوصل إلى اتفاق.
وجاء في تقرير للموقع المذكور أنه لا توجد منطقة أزمة أخرى في العالم أصدرت الأمم المتحدة بشأنها قرارات مثل إسرائيل والأراضي الفلسطينية. وكانت العلاقة بين إسرائيل والأمم المتحدة متوترة على الدوام. هناك أغلبية ثابتة ودائمة من الدول في الجمعية العامة للأمم المتحدة، تضع بانتظام وضع الفلسطينيين على جدول أعمال المنظمة الأممية على مدار سنوات، وتنتقد إسرائيل. وبالإضافة إلى الدول ذات الغالبية المسلمة، تبرز الكثير من الدول النامية في “عالم الجنوب”.
وذكرت منظمة “رقابة الأمم المتحدة” غير الحكومية ومقرها جنيف، أن الجمعية العامة للأمم المتحدة أصدرت بين عامي 2015 و2022 حوالي 140 قراراً تنتقد إسرائيل في قضايا تتعلق، على سبيل المثال، ببناء المستوطنات أو ضم مرتفعات الجولان. وفي الفترة نفسها، لم يصدر سوى 68 قراراً آخر بشأن كل مناطق العالم الأخرى، من بينها خمسة تناولت إيران.
وأبرز المصدر أن الإسرائيليون يشعرون منذ فترة طويلة بأنه تتم معاملتهم بشكل غير عادل من قبل الأمم المتحدة، ولعل هذا هو السبب الذي جعل رد فعل إسرائيل على كلمات أمينها العام حاداً بهذا الشكل.
وتجدر الإشارة إلى أن قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ليست ملزمة بموجب القانون الدولي، فهي تمثل فقط مبادئ توجيهية أو مواقف للمجتمع الدولي بشأن بعض الصراعات والنزاعات وتقرر الجمعية العامة للأمم المتحدة القرارات بأغلبية الثلثين.
ولكن وفي المقابل، فإن قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ملزمة بموجب القانون الدولي؛ حيث يتم إصدارها ضد الدول أو أطراف النزاع التي تعرض الأمن الدولي للخطر أو تنتهك القانون الدولي أو حقوق الإنسان. ومع ذلك، يمكن منع إصدارها باستخدام حق النقض (الفيتو) الذي تتمتع به الدول الخمس الدائمة العضوية، وهي الولايات المتحدة والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا.
وعادة ما تستخدم واشنطن حق النقض لوقف القرارات المنتقدة لإسرائيل. وقد أدى ذلك إلى خلق وضع غريب للغاية حيث أن القرارات الـ 140 التي تنتقد إسرائيل والتي اتخذتها الجمعية العامة منذ عام 2015 لم يقابلها سوى قرار واحد لمجلس الأمن: في عام 2016، طالب بوقف بناء المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة. وحتى في تلك المرة، لم تصوت الولايات المتحدة صراحةً لصالح القرار، بل امتنعت عن التصويت.
وأضاف المصدر أنه القرار 141 يلوح في الأفق في الجمعية العامة، بحيث أن الأردن ودول عربية أخرى تقدمت بمشروع قرار جديد يوم الجمعة، يدعو إلى وقف إطلاق النار والوصول غير المقيد للمساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة؛ وتوصف إسرائيل في مشروع القرار بأنها “قوة احتلال”ولم يتم ذكر حقها في الدفاع عن النفس، الأمر الذي انتقده مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان بشدة على منصة “إكس”.
وكان يُنظر إلى الأمم المتحدة ذات يوم على أنها “ساعدت في ولادة إسرائيل”. ففي عام 1947، أقرت الجمعية العامة، بما يخالف إرادة الدول العربية، خطة الأمم المتحدة لتقسيم فلسطين، مما مهد الطريق لتأسيس دولة إسرائيل بعد ستة أشهر. وفي ذلك الوقت، كان عدد أعضاء الأمم المتحدة 57 دولة فقط. ونتيجة لذلك، وتحت تأثير موجة إنهاء وتصفية الاستعمار، استمر هذا العدد في الزيادة، حيث انضمت، على وجه الخصوص، العديد من البلدان النامية والناشئة إلى الأمم المتحدة، وبالتالي غيرت التوازنات السياسية في الجمعية العامة.
بعد حرب الأيام الستة لعام 1967 والاحتلال الإسرائيلي اللاحق لأراض فلسطينية وعربية، تدهورت العلاقات بين إسرائيل والأمم المتحدة بشكل ملحوظ. ومنذ ذلك الحين، ارتفع عدد قرارات الجمعية العامة التي تنتقد إسرائيل بشكل لافت. يوجد الآن في كل اجتماع لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بند في جدول الأعمال يتناول الوضع في الأراضي التي تحتلها إسرائيل.