تطور العلاقات بين بيكين وطالبان
بالرغم من عدم اعتراف الصين رسمياً بحكومة طالبان في أفغانستان، لكنها تتعامل معها بصفتها سلطة الأمر الواقع في البلاد
لوسات أنفو: خديجة بنيس
كشفت بيكين علنا عن مساعيها الرامية إلى تعزيزعلاقاتها مع كابول، ومواصلة دفع الحوار والتعاون بين البلدين؛ فضلاً عن سعي الصين أيضاً إلى ضمان أمن حدودها مع أفغانستان، وتطوير التعاون الاقتصادي والتجاري مع البلاد، خاصة بعدما قدَّم السفير الصيني أوراقه إلى رئيس وزراء أفغانستان من حكومة كأول تعيين لسفير منذ وصول طالبان إلى الحكم، في عام 2021.
وبحسب تقرير نشره مركز إنترريجونال للتحليلات الإستراتيجية حول كيف تطورت العلاقات بين الصين وحركة طالبان الأفغانية بعد إغلاق الصين سفارتها في أفغانستان عقب الانسحاب الأمريكي المفاجئ من الأراضي الأفغانية، وسيطرة حركة طالبان على الحكم في البلاد في أغسطس 2021. فإنه بالرغم من عدم اعتراف الصين رسمياً بحكومة طالبان في أفغانستان، لكنها تتعامل معها بصفتها سلطة الأمر الواقع في البلاد؛ وتعتبرها الحل الأمثل لمشاكل أفغنستان.
خاصة وأن الصين تعتبر مبادرة الحزام والطريق بوصلتها في تحديد علاقاتها الثنائية، ونظراً إلى موقعها الاستراتيجي، تتمتَّع أفغانستان بأهمية كبيرة في الحسابات الاستراتيجية للصينلأنها تقع على مفترق طرق ثلاث مناطق: جنوب آسيا، وآسيا الوسطى، والشرق الأوسط. كما تدرك بكين أن أهدافها الاستراتيجية الطويلة الأمد لن تتمكن من تحقيقها ما لم تصبح أفغانستان مستقرةً وسلميةً.
وارتباطا بالسياق، يبرز التقرير أن العلاقات الصينية الأفغانية شهدت عدداً من التطوُّرات المهمة، خلال عام 2023 منها زيارة وزير الخارجية الصيني وانج يي إلى أفغانستان في شهر مارس الماضي، ثم إعادة فتح الصين سفارتها في أفغانستان في شهر مايو، وقد تبعها تعيين سفير لها في كابول في شهر يوليو. ومن ثم تدل هذه التطورات على التزام بكين بتطوير علاقاتها مع نظيرتها الأفغانية، ولا سيما تعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات.
وأضاف المركز أن بكين تنظر إلى أفغانستان باعتبارها مصدراً محتملاً للموارد المعدنية القيمة، مثل الذهب والنحاس والليثيوم والعناصر الأرضية النادرة الأخرى التي تُعتبَر ضروريةً للصناعات الصينية؛ إذ أبدت الشركات الصينية اهتماماً قوياً بصناعة التعدين في أفغانستان، بهدف تأمين الوصول إلى هذه الموارد التي تقدر قيمتها بنحو تريليون دولار.
وأبرزمركز إنترريجونال للتحليلات الإستراتيجية أن الاحتياطيات البترولية غير المُستغَلة في أفغانستان تصل إلى نحو 1.6 مليار برميل من النفط الخام، و16 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، وفي ظل محدودية إمدادات الطاقة المحلية في الصين، فضلا عن مخاوفها المتعلقة بأمن الطاقة نتيجة اعتمادها على المصادر الخارجية، وبالتالي فإن تقارب بكين المتزايد مع كابول يقع ضمن أولويات الصين فيما يتعلق بأمن الطاقة على المدى القصير، فضلاً عن جعلها عنصراً استراتيجياً أساسياً لاحتياجاتها من الطاقة على المدى الطويل.
ويشير التقرير إلى أن الصين تشترك بحدود طويلة مع أفغانستان، وتخشى بكين من أن تصبح الأراضي الأفغانية ملاذاً آمناً للجماعات الإرهابية، مثل تنظيم القاعدة وطالبان، لشن هجمات على الأراضي الصينية؛ ما قد يُشكِّل تهديداً لأمنها؛ حيث أشار تقرير للأمم المتحدة، نُشر في شهر يونيو الماضي، أن طالبان لا تزال لها علاقات مع تنظيم القاعدة وجماعات أخرىومن ثم، تسعى بكين، من خلال تعزيز علاقاتها مع كابول، إلى ضمان أمن حدودها، ومنع انتشار الإرهاب في المنطقة.