الثقافة العربية في حداد، رحيل محمد عبد الرحمن الشارخ رائد المعلوميات العربية

لوسات أنفو

أعلن اليوم بالكويت عن رحيل المثقف و الكاتب ورجل الأعمال الكويتي رائد المعلوميات العربية محمد عبد الرحمن الشارخ, الذي غادر عالمنا مخلفا أثره الثمين في خدمة الثقافة العربية وانخراطه الغيور في تقوية حضور أهم بنية تحتية في العالم العربي ـ كما كان يقول دائماـ و هي اللغة العربية.

الراحل محمد عبد الرحمن الشارخ معروف بمساره الحافل بالإنجازات الذي يجمع في نفس الوقت بين الكاتب المبدع و المستثمر الناجح و المغامر الوفي لأحلامه النبيلة، و في مقدمتها تتثبيت اللغة العربية في العالم الرقمي، وترسيخ حضورها في المنظومة المعلوماتية. و كان يمثل وعيا متقدما عن زمنه بالانتباه  قبل ما يناهز 40 سنة إلى أن اللغة العربية إذا لم تدمج في عالم المعلوميات، فإن مستقبلها سيكون مشكوكا فيه. و لم يكن الراحل في هذا الباب مجرد صاحب أقوال، وإنما قاد مشروعا طموحا، مغامرا فيه بأمواله رغم ضبابية مردوديته المالية، ليكلل بإنتاج أول كمبيوتر بالعربية في العالم، كومبيوتر صخر. و ظل مثابرا من أجل هدفه المتمثل في خدمة اللغة العربية، عبر تطوير متوالية من البرامج المعلوماتية للترجمة الآلية من و إلى العربية و برامج التصحيح اللغوي و برامج نقل الصوت إلى كتابة، و المعاجم، ناهيك عن عدد من المواقع التي كونت أرشيفا مرقمنا للثقافة العربية بكل مكوناتها. و بدافع إيمانه الكبير بالأهمية الثقافية و القومية لمشورعه، فقد تحول في جزء كبير من حياته إلى مسافر دائم معلق في السماء مابين الكويت و القاهرة و الولايات المتحدة و أوروبا وإفريقيا و آسيا، باحثا عن استشارات كبار اللسانيين في العالم و المهندسين المختصين في البرمجة المعلوماتية و الكفاءات الثقافية، ليضمهم إلى مشروعه.

و تمثل الخدمة غير المسبوقة التي قدمها للغة العربية والمعلوميات، واجهة ثانية لانشغاله الثقافي و الإبداعي الذي حمله كهم، فرغم مساره ككفاءة في إدارة الأعمال و كمسؤول في البنك العالمي و البنك الكويتي للتنمية و البنك الدولي لإعادة الإعمار و غيرها، عرف الرجل قارئا نهما متبحرا في صنوف الثقافة العربية شعرا و نثرا، و متمرسا على قراءة الأعمال الأدبية العربية المعاصرة رواية و شعرا وقصة، ومواكبا لأهم المشاريع الفكرية العربية التي جمعته بأهم رواده صداقات فكرية. و يكفي أن نذكر أن إيمانه بمشروع المفكر محمد عابد الجابري جعله يقف إلى جانبه داعما مجلته “فكر و نقد”. مثلما كان صديقا لأجيال المفكرين الشباب، مواكبا لجديد أعمالهم، و في مقدمتهم مجموعة مراكش التي تضم المفكر عبد العزيز بومسهولي و عبد الصمد الكباص و حسن أوزال، و  التي ذأب على الالتقاء بهم لمعرفة جديدهم فاتحا نقاشات مهمة معهمن مدعما مسارهم. لأنه كما يقول دائما لن ينقذ هذه الأمة سوى مبدعيها ومفكريها. مثلما عرف الراحل الشارخ أيضا بعشقه الكبير لشعر أبي الطيب المتنبي،

الكاتب المبدع محمد عبد الرحمن الشارخ، كان وفيا للكتابة متأملا فيها، و أنتج أعمال سردية مهمة لاقت انتباه النقاد بجدية، و ظهر فيها متمرسا على تقنيات السرد متهمما بسبر أغوار التجربة الإنسانية في أعماقها الملغزة من خلال عوالم الحكي.

 محمد عبد الرحمن الشارخ، كان ايضا صانع الصداقات النبيل، مصرا على صونها، منصفا في الوفاء بها. لم يكن يدخر قليلا أو كثرا في سبيلها. و تلك واحدة من أعظم خصاله التي لا يمكن نسيانها.

غادر  الكبير محمد عبد الرحمن الشارخ عالمنا، ليظل أبديا خالدا بجليل أعماله، وطيب ذكره في قلوب محبيه. رحم الله الفقيد و عزاؤنا لزوجته المحترمة السيدة مضي و أبنائه فهد و الدكتورة العنود و عبد الله و مناير.