أنترجونال للتحليلات الاستراتيجية: القرار الروسي بالانسحاب من اتفاق الحبوب قد يدفع الغرب إلى تخفيف الضغوط على روسيا
لوسات أنفو
أكد مركز أنترجونال للتحليلات الاستراتيجية في دراسة جديدة له نشرها أخيرا، أن القرار الروسي بالانسحاب من اتفاقية الحبوب، مرتبط – بشكل أو بآخر – بالتطورات العسكرية في أوكرانيا؛ فالقرار جاء بعد أيام قليلة من موافقة واشنطن على تزويد كييف بالذخائر العنقودية، كما أن القرار الروسي جاء بعد الهجوم الذي تعرَّض له جسر القرم الذي يربط بين روسيا وشبه جزيرة القرم، واتهمت موسكو كييف بتنفيذه.
و أوضح المكز في دراسته أن القرار الروسي سيتسبب في توقف شركات الشحن العالمية عن نقل الحبوب الأوكرانية من موانئها الحيوية على البحر الأسود إذا لم تحصل على موافقة روسية؛ ما يؤدي إلى ارتفاع تكلفة تأمين السفن الأوكرانية، في ظل ارتفاع المخاطر التي تواجهها مع وجود السفن الحربية الروسية في البحر الأسود والألغام البحرية العائمة. حيث ينعكس ارتفاع تكلفة الشحن على ارتفاع أسعار الحبوب، وقد انخفضت الصادرات الغذائية الإجمالية بموجب الاتفاقية بنحو ثلاثة أرباع في مايو 2023 مقارنةً بمعدلات أكتوبر 2022. ويُعزَى ذلك إلى تجنُّب شركات الشحن لخطر إرسال سفن عبر طرق محفوفة بالمخاطر؛ ما يؤدي إلى نقص الإمدادات من الحبوب الغذائية، واستمرار ارتفاع أسعارها.
و استنادا إلى المصدر ذاته، فإن توقف صادرات الحبوب يسهم في اضطراب الإمدادات العالمية من الحبوب والمنتجات الغذائية، ومن ثم أسهم في رفع أسعارها عالمياً، وارتفاع أسعار المواد والمنتجات الغذائية، ومن ثم ارتفاع معدلات التضخم، خاصةً في الدول التي تعتمد على الواردات الغذائية من أوكرانيا. وقد ارتفعت أسعار القمح والذرة في أسواق السلع العالمية بعد القرار الروسي بإيقاف الاتفاقية روسيا، وارتفعت العقود الآجلة للقمح بنسبة 3٪ لتصل إلى 6.80 دولار للبوشل، كما ارتفعت العقود الآجلة للذرة بنسبة 0.94% لتصل إلى 5.11 دولار للبوشل؛ حيث يخشى التجار من أزمة وشيكة في المعروض من المواد الغذائية الأساسية.
و تفيد دراسة مركز انترجونال أن توقف الصادرات الأوكرانية عبر موانئ البحر الأسود يسهم في تكدس الإنتاج الزراعي غير المستهلك محلياً؛ ما يؤدي إلى حرمان أوكرانيا من جزء كبير من عائداتها من الصادرات التي تعد المصدر الرئيسي لتوفير النقد الأجنبي لديها، ومن ثم يحد من قدرتها التمويلية على مواجهة روسيا عسكرياً.
وعلى المدى الطويل، يدفع تصدُّع لوجستيات التصدير المزارعين الأوكرانيين إلى خفض إنتاج الحبوب؛ حيث توقعت وزارة الزراعة الأوكرانية انخفاض محصول الحبوب في 2023 إلى 46 مليون طن، بنسبة تتراوح بين 35% و45%، مقارنةً بنحو 53 مليون طن في عام 2022 ونحو 86 مليون طن في عام 2021؛ بسبب انخفاض المساحة المزروعة، والعمليات العسكرية المستمرة، ونقص السيولة لدى المزارعين الذين لم يتمكنوا من شحن جزء كبير من محصولهم.
و حسب توقعات مركز انترجونال ربما يدفع القرار الروسي الدول الغربية إلى إعادة التفكير في المطالب الروسية، والعمل على تخفيف بعض الضغوط على موسكو. وهنا تجدر الإشارة إلى دعوة الأمم المتحدة إلى أهمية بدء العمل التحضيري لنقل الأمونيا الروسية عبر أوكرانيا، باعتبار ذلك جزءاً من جهود إنقاذ الاتفاقية للسماح بتصدير الحبوب بأمان في البحر الأسود، في الوقت الذي يدرس فيه الاتحاد الأوروبي مقترحاً للبنك الزراعي الروسي لإنشاء شركة فرعية تتيح له إعادة الاتصال بالشبكة المالية العالمية كحافز يشجع روسيا على تمديد الاتفاقية.
و معلوم أن المنسق الأممي للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث حذر أول أمس من ارتفاع أسعار الحبوب العالمية، ومن تبعات كارثية لخطر اتساع دائرة الحرب التي قد تشمل احتمال حدوث مجاعة، بينما أكدت واشنطن عزمها البحث عن بدائل لتصدير الحبوب الأوكرانية.